للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت الملائكة المقرّبون أنصاره - صلى الله عليه وسلم - , وأعوانه , يقاتلون بين يديه في الحروب كفاحاً , ويمنعون عنه, ويدافعون دونه , ولمّا تواعدت قريش ليأخذوه فيقتلوه , وقد دخل المسجد يصلّي , فسمعوا صوتاً ما ظنّوا [ق ٤٤/و] أنّه بقي بتهامة جبل إلا نتق فغشي عليهم فما عقلوا حتى قضى صلاته , ثم رجع إلى أهله سالماً , ثم تواعدوا عليه مرّة أخرى , فنهضوا عليه فجاء الصَّفا والمروة حتى [التقت] (١) إحداهما (٢) بالأخرى , فحالتا بينه وبينهم (٣) , ولمّا حلف أبو جهل ليطأنّ عنقه إن رآه مصلّياً فلما همّ بذلك لم يفجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه وقال: رأيت بيني وبينه خندقاً من نار وأهوالاً وأجنحة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضواً عضواً وقد تقدم ذلك.

فإن قيل: إن سليمان عليه الصلاة والسّلام كان عنده من عُلماء الكتاب مَن أتى بعرش بلقيس (قبل أن يرتدّ إليه طرفه) (٤) , قيل: لنبيّنا - صلى الله عليه وسلم - أعظم منه ففي حديث الإسراء أن قريشاً لمّا كذّبته في حديثه عن بيت المقدس وكان فيهم من قد رأى المسجد قالوا: هل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ , قال: «نعم» , قال: «فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس علَيّ» وكان قد جاءه ليلاً , قال: «فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وُضع دون دار عَقيل فَنَعَتُّ المسجدَ وأنا أنظر إليه» , فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب (٥)؛ فهذا قد حُمل له بيت المقدس (في لحظة حتى وُضع بإزائه ينظر إليه ويخبرهم عنه , وحمل بيت المقدس) (٦) من مكانه إلى مكّة أعظم من حمل عرش بلقيس


(١) في أ , ب "التقى" , وما أثبته من دلائل النبوة لأبي نعيم (١/ ٢٠٩ - ٢١٠) ح ١٦٠.
(٢) في ب "إحديهما".
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣/ ٢١٣) ح ٣١٦٧ , من طريق قيس بن حبتر , وأخرجه أبو نعيم في الدلائل (١/ ٢٠٩ - ٢١٠) ح ١٦٠؛ قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٢٧) ح ١٣٨٧٠: "رواه الطبراني , ورجاله ثقات غير بنت الحكم فلم أعرفها".
(٤) " قبل أن يرتدّ إليه طرفه" ليس في ب.
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ٢٨ - ٢٩) ح ٢٨١٩ , والبزار في مسنده (٢/ ٢١٣) ح ٥٣٠٥ , والطبراني في المعجم الأوسط (٣/ ٥٢) ح ٢٤٤٧ , وفي المعجم الكبير (١٢/ ١٦٧) ح ١٢٧٨٢ , والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٥٠) ح ٦٥٦ , قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٦٥): "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط , ورجال أحمد رجال الصحيح".
(٦) مابين القوسين ليس في ب.

<<  <   >  >>