إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛
فإن من سنن الله في خلقه أن الحق والباطل في صراع دائم وحرب مستمرة، وكانت الأمم السابقة إذا استشرى الضلال بينها واستحكم طوقه، آذن الله له بالزوال، ببعثة رسول من الرسل يجدد للناس ما اندرس من الدين، ويعيد للحق دولته وكيانه.
وإن من رحمة الله بهذه الأمة، أن هيأ لها على مر العصور والدهور، واختلاف الأحوال والأمور، طائفة على الحق منصورة، متمسكة بدين ربها، ومنهج أسلافها، لايضرها من خالفها أو تخلف عنها، قادتها أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، ممن حملوا على عواتقهم دعوة من ضل إلى الهدى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بهدي المصطفى أهل الضلالة والعمى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، بنور علمهم تحيا الأمة ويندحر ظلام البدعة، بهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا.
ويعد القرن الثامن - وهو القرن الذي عاش فيه الإمام يوسف السرمري - أحد القرون
العصيبة، والفترات التي استوى فيها سوق البدعة، وحلت الفرقة بين هذه الأمة، وتحقق في أهل