للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا سِوَى المُفْرَدِ مِثْلَهُ جُعِلْ

في الحُكْمِ والشُّرُوطِ حَيْثُمَا عَمِلْ

وذلك أنَّ لقائلٍ أن يقول: إن التَّثْنية والجمع من خصائص الأسماء، وذلك يُبطل عمل اسم الفاعل، إذ هو يُقَرِّبه من الأسماء، ويُبعْده من الأفعال كالتَّصْغير.

وأيضاً فإنه يُزيل الصيغةَ الجارية على الفعل في الحركات والسكنات وعدد الحروف. وإذا كان يَبْعد بذلك عن شَبَه الفعل فينبغي أن يَبْطُل عمله. فنَبَّه ههنا على أن ذلك لا يُخرجه عن الشَّبَه الحاصل له.

أما التثنية وجمع السلامة فلم يُغَيرِّا لفظاً ولا معنى، وإنما حصل في ذلك معنى عَطْف الأفراد، إذ كان معنى (ضَاربَاتِ): ضَارِبٌ وضارِبٌ. ومعنى (ضَارِبُونَ): ضارِبٌ وضارِبٌ، إلى آخرها.

وأما التكسير، وإن غَيَّر الصيغة، فلا اعتبار بذلك، لرجوعه إلى معنى العطف، فكان مثلَ عملِ الأمثلة عملَ اسم الفاعل، لأنها راجعة إليه في التحصيل.

والتثنية وجمع السلامة أقرب في الإعمال، لأن الشَّبَه بالفعل باقٍ، ألا ترى أن (ضارِبَاتِ) يُشبه (يَضْرِبَاتِ) و (ضَارِبُونَ) يشبه (يَضْرِبُونَ) فلهذه الأوجه بقى العمل كما كان.

ثم نرجع إلى كلامه، فأخبر في هذين البيتين أن ماعدا المفرد، وهو المثنى والمجموع كيف كان، قد جعلته العرب في الحكم مثلَ المفرد، فحيث لا يعمل المفرد لا يعمل سواه، وحيث عمل مع الشروط فذلك ثابتٌ في غير المفرد بتلك الشروط بعينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>