خَلَوَاتِهِ؛ فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِيْنِ، لأنه لا يتجانن في الخلوات، ولأن بيمينه يثبت جنونه، والمجنون لا يُحَلَّف، نَعَمْ: لو كان الاختلاف فيمن يجنُّ وقتًا؛ ويفيق وقتًا؛ وحلّفناه في زمن إفاقته كما ذكره في الكفاية، وإن وجدناها منظومة؛ صُدِّقَ الجاني بيمينه، وإنما حَلَّفْنَاهُ لاحتمال صدورها منه. اتفاقًا وجريًا على العادة، وَفِي السَّمْع دِيَةٌ، لأنه من أشرف الحواس فأشبه البصر، بل قيل: إنه أفضل منه، لأن به يدرك الْفَهْمُ، وقيل: عكسه؛ لأنه به تدرك الأعمال، ونُقل عن أكثر المتكلمين.
فَرْعٌ: لو لم يذهب السمع، ولكن ارتتق بالجناية داخل الأذن ارتتاقًا لا وصول إلى زواله؛ فالأصح وجوب حكومة لا دية.
ومن أذنٍ نِصْفٌ، أي لا لتعدد السمع، ولكن ضبط النقصان بالمنفذ أولى وأقربَ من ضبطه بغيره، وَقِيلَ: قِسْطُ النَّقْصِ، أي من الدية، قال الرافعي: وقد يقال تجب فيه حكومة، وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ، لقطعه عضوًا وإذهابه منفعةً حالّةً في غيره فلم يتداخلا كما لو أوضحه فعمي.
وَلَوِ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفلَةٍ فَكَاذِبٌ، لظهوره، ويجب مع ذلك تحليف الجاني أن سمعه لباقٍ! لاحتمال أن يكون انزعاجه اتفاقًا ولا يكفيه أن يحلف أن سَمْعَهُ لم يذهب بجنايته، وخص المصنف الانزعاج بالصياح؛ ولا يختص به، بل الرعد وطرح شيء له صوت من علوٍّ كذلك، وقيَّدَ الماوردي الصياح بصوت مزعج مهولٍ يتضمن إنذارًا وتحذيرًا، قال: ويكرر ذلك من جهات وفي أوقات الخلوات حتى يتحقق زوال السمع بها، وَإِلا، أي وإن لم يظهر عليه أثر، حُلِّفَ وَأَخَذَ دِيَةً، للعلم بصدقه؛ والتحليف لاحتمال التجلد، ثم إذا ثبت زواله، قال الماوردي: ويراجع عدول الأطباء، فإن نفوا عودَهُ، وجبت الدية في الحال، وإن جوّزوا عوده إلى مدة معينة انتظرت، فإن عاد فيها سقطت، وإلا ثبتت.
فَرْعٌ: لو ادعى ذهاب سمع إحدى الأذنين؛ حشيت السليمة وامتحن في الأخرى كما ذكرناه.