للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: فِي العَقلِ دِيَةٌ، لأنه أشرف الحواس ولا يجب القصاص فيه على المذهب، لاختلاف الناس في محلِّه هل هو القلبُ أو الدماغِ أو مشتركٌ بينهما، والأكثرون على الأول، وقيل: مسكنهُ الدماغ وتدبيره في القلب، والمراد بالعقل الموجب للدية العقل الغريزيّ (•)، فأما المكتسب ففيه حكومة فقط؛ قاله الماوردي. قال المتولي: وإنما تجب الدية إذا قال أهل الخبرة إنه لا يعود، أما إذا توقعوا عوده فإنه يوقف، فإن مات قبل العود ففي الدية وجهان كما إذا قلع سن مثغور فمات قبل أن يعود.

فَرْعٌ: لو لم يُزل عقله؛ بل نقص ولم تستقم أحواله، فإن أمكن الضبط بالزمان وغيره وجب قسط الزائل وإلا فالحكومة.

فَإِنْ زَالَ، أي العقل؛ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ، مقدر أي كالموضحة واليد والرجل، أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا، أي دية العقل وأرش الجناية، أو حكومتها، لأن الشرع أوجب فيهما أروشًا مقدرة فلا يجوز إسقاطه؛ وهذا هو الجديد الصحيح، وَفِي قَوْل: يَدْخُلُ الأَقَلُّ فِي الأكْثَرِ، أي فإن كانت دية العقل أكثر، بأن أوضحه فزال عقله، دخل فيها أرش الموضحة، وإن كان أرش الجناية أكثر، بأن قطع يديه ورجليه فزال عقله، دخل فيه دية العقل، لأن ذهابه يعطل منافع سائر الأعضاء فأشبه ذهاب الروح. وضُعِّفَ هذا بأن مقتضاه أعني تشبيهه بالروح دخول الأروش في دية العقل وإن كثرت، وإنه لا يجب بقطع يديه شيء كالميت، واحترز المصنف بقوله (لَهُ أرْشٌ) عما إذا لم يكن له أرش ولا حكومة؛ بأن ضَرَبَ رأسهُ أو لَطَمَهُ فزالَ عقلهُ، فإنه يُدخل أرش الجناية في دية العقل، نَعَمْ: يُعَزَّرُ على الأصح، وَلَوِ ادَّعَى، وليَّ المجني عليه، زَوَالَهُ، أي فأنكر الجاني ونسبه إلى التجانُن، فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي


(•) في النسخة (١): نقل الناسخ في الهامش فقال: أي الذي هو حُسن التقدير، وإصابة التدبير؛ فلا دية فيه؛ مع بقاء العقل الغريزي؛ بل فيه حكومة لما أحدث من الدهش بعد اليقظة؛ الغفلة بعد الفطنة؛ ولا تبلغ نهاية الغريزي. وقد تقدم في الجزء الأول: كتاب الطهارة: باب أسباب الحدث: السبب الثاني لزوال العقل: في التعليق (٩٧) مفهوم زوال العقل والمراد به فراجعهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>