للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الحنابلة إلى أن الصعيد هو التراب الذي له غبار أيضاً، وأن يكون التراب مباحاً فلا يصح بمغصوب، وأن لا يكون محترقاً، فلا يصح بما دق من خزف ونحوه لأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب، واشترطوا أن يَعْلَقَ غبارُه لأن ما لا غبار له لا يُمسح بشيء منه، وإن خالطه ذو غبار كالجِصِّ والنُّورة كان حكمه حكم الماء الطَّهور الذي خالطه طاهر، فإن كانت الغلبة للتراب جاز التيمُّم به، وإن كان للمخالط الغَلَبَةُ نُظِر، فإن كان المخالط لا غبار له يمنع التيمُّم بالتراب وذلك كبُرٍّ وشعيرٍ وإن كثُر جاز التيمُّم به، ولا يصح التيمُّم بطينٍ لم يمكن تجفيفه، والتيمُّم به جائز إن كان قبل خروج الوقت لا بعده. وإذن فالشافعية والحنابلة اشتركوا في أن التيمُّم لا يكون إلا بالتراب الذي له غبار ولا يصح بغيره، وبهذا الحكم أخذ داود. والآن لنستعرض النصوص ودلالات الألفاظ لغةً وشرعاً لاستنباط الرأي الراجح بإذن الله سبحانه:

١- عن أبي أُمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «جُعلت الأرض كلها لي ولأُمتي مسجداً وطَهوراً، فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاةُ فعنده مسجده وعنده طَهوره ... » رواه أحمد بسند جيد. ورواه البيهقي، وقد مرَّ في بحث [تعريف التيمُّم ومشروعيته] .

٢- قوله تعالى {فلم تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طيباً} من الآية ٣٤ من سورة النساء.

٣- عن عمران بن حصين قال «كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فصلَّى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجلٍ معتزلٍ لم يُصلِّ مع القوم، قال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك ... » رواه البخاري وأحمد. ورواه النَّسائي وابن أبي شيبة مختصراً، وقد مرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>