للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقتضى كلام الشافعي أن المسح يقتصر على الكفَّين لأن أحاديث الكفَّين قد صحَّت وتأخر القول بها، حتى إن الشوكاني قد ذكر صراحة أن الشافعي قد قال بأن حديث إلى الآباط منسوخ. وعقَّب النووي من الشافعية على هذه المسألة أيضاً فقال (إنه ـ أي مسح الكفَّين ـ أقوى في الدليل وأقرب إلى ظاهر السنة الصحيحة) . وأضعف من هذا الاستدلال القول إن المسح إلى المرفقين إنما يكون بالقياس على الوضوء لأنه بدل منه، فهذا القياس باطل، لأن القياس في العبادات لا يصح أولاً، ولأننا لو أردنا القياس كما يقولون لوجب القول بمسح الرجلين في التيمُّم ما دامت البدلية هي العلة، وكم يريحنا الفقهاء الذي لا يقيسون في العبادات ويقفون عند دلالات النصوص.

والصحيح الذي لا مندوحة عنه أن الأحاديث الصحيحة ذكرت الكفَّين ولم تذكر اليدين إلى المرفقين ولا اليدين إلى الإبطين فيوقف عندها، لا سيما وقد جاء حديث منها يقول «يكفيك الوجه والكفان» فالكفاية ضد إيجاب مسح الذراعين قطعاً، إلا أن يدَّعوا أن هذه الأحاديث منسوخة، أو أن أحاديثهم أصح منها، وهم لم يقولوا بهذا ولا بذاك.

٢- المجزيء في التيمم ضربة واحدة: ذهب عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحق وابن المنذر وجمهور العلماء إلى أن المُجْزِيء في التيمُّم ضربة واحدة للوجه والكفين. وذهب سعيد بن المسيِّب وابن سيرين إلى وجوب الإتيان بثلاث ضربات، ضربة للوجه، وضربة للكفين، وضربة للذراعين. وذهب الأحناف والشافعيون إلى وجوب ضربتين اثنتين، واحدة للوجه، وأخرى للكفين أو لليدين إلى المرفقين.

والصحيح هو ما ذهب إليه مَن يقولون بالاقتصار على ضربة واحدة، لأن الأحاديث الصحيحة والصالحة للاستدلال لا تذكر سوى ضربة واحدة، ولم يصحَّ أيُّ حديث في الضربتين أو في الثلاث، ولذا فإنه لا يجب سوى ضربة واحدة، لأنها هي المذكورة والمطلوبة في الأحاديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>