للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حديث أبي جُهَيم «فمسح بوجهه ويديه» فقد وردت فيه لفظة (اليدين) ، بينما وردت في سائر الأحاديث لفظة (الكفين) . فأقول: أما لفظة (اليدين) فهي مجملة، وجاءت لفظة (الكفَّين) فبيَّنت المقصود من اليدين وأنهما ما بين أطراف الأصابع إلى الرُّسغين، والمبين يُعمل به ويُحْمَل المجمل عليه، وبذلك يظهر أنه لا تعارض بين هذه النصوص، ونحن نعلم أن النصوص يفسِّر بعضها بعضاً، فالنصوص التي ذكرت الكفَّين تفسِّر النصوص التي ذكرت اليدين، فيكون المقصود من اليدين الكفَّين فحسب. ويشبه هذا أن آية السرقة {والسَّارقُ والسَّارِقَةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فسرتها الأحاديث النبوية بأن اليدين اللتين تقطعان في السرقة هما الكفان، أي اليدان إلى الرسغين فحسب، في حين أنه حينما أُريد غسل ما هو أكثر من الكفين في الوضوء لم يأت ذكر اليدين إلا مقيَّدتين بـ {إلى المَرَافِقِ} وإذن فإن الواجب في التيمُّم هو مسح الكفين فقط، أي مسح اليدين إلى الرسغين، وأنه لا يجب مسح ما هو أكثر من ذلك مطلقاً. فهذا هو ما ترشد إله الأحاديث الصحيحة الصالحة للاحتجاج. وممن ذهب إلى هذا الرأي، أي الاقتصار على مسح الكفين، عطاء ومكحول والأوزاعي والطبري ومالك وإسحق وأحمد وابن المنذر والشافعي في القديم.

وذهب أبو حنيفة والثوري والشعبي والحسن والشافعي في الجديد، وعلي وابن عمر وابنه سالم فيما رُوي عنهم إلى وجوب مسح اليدين إلى المرفقين، واستدلوا بالأحاديث التالية:

١- عن جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين» رواه الدراقطني والحاكم.

٢- عن الأسلع قال «أراني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أمسح فمسحت، قال فضرب بكفَّيه الأرض ثم رفعهما لوجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مسَّ بيديه المرفقين» رواه الدارقطني والبيهقي والطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>