للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لما بعث علي أبا موسى ومن معه من الجيش إلى دومه الجندل أشتد أمر الخوارج وبالغوا في النكير على علي وصرحوا بكفره، وتعرضوا لعلي في خطبه واسمعوه السب والشتم والتعريض بآيات من القرآن , وذلك أن علياً قام خطيباً في بعض الجُمع فذكر أمر الخوارج فذمه وعابه. فقام جماعة منهم كل يقول لا حكم إلا لله.

وقام رجل منهم وهو واضع إصبعه في أذنيه يقول: " ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " الزمر٦٥- وروي أن علياً لما بعث أبا موسى لإنفاذ الحكومة اجتمع الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فخطبهم خطبة بليغة زهدهم في هذه الدنيا ورغبهم في الآخرة والجنة وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال: فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى جانب هذا السواد إلى بعض كور الجبال أو بعض هذه المدائن منكرين لهذه الأحكام الجائرة. ثم قام حرقوص بن زهير فقال بعد حمد الله والثناء عليه: إن المتاع بهذه الدنيا قليل،وإن الفراق لها وشيك،فلا يدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم مُحسنون " النحل ١٢٨/ فقال سنان بن حمزة الأسدي: يا قوم إن الرأي ما رأيتم وإن الحق ما ذكرتم فولوا أمركم رجلاً منكم فإنه لابد لكم من عماد وسناد ومن راية تحفون بها وترجعون إليها فبعثوا إلى عبد الله بن وهب الراسبي وعرضوا عليه الإمارة فقبلها وقال: أما والله لا أقبلها رغبة في الدنيا ولا أدعها فرقاً من الموت، واجتمعوا أيضاً في بيت زيد بن حصن الطائي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وتلا عليهم آيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى " ياداودُ إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " ص.٢٦

<<  <   >  >>