للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن كثير: (قال ابن جرير الطبري: وقد ذكر أن عماراً لما قتل قال علي لربيعه وهمدان: أنتم درعي ورمحي فانتدب له نحو اثنا عشر ألفاً وتقدمهم علي ببغلته فحمل وحملوا معه حملة رجل واحد وقتلوا كل من انتهوا إليه حتى بلغوا معاوية إلى أن قال ثم قدم على ابنه محمداً في عصابة كثيرة من الناس فقاتلوه قتالاً شديداً ثم تبعه في عصابة أخرى فحمل بهم فقتل في هذا الموطن خلق كثير من الفريقين لا يعلمهم إلا الله وقتل من العراقيين خلق كثير أيضاً وطارت أكف ومعاصم ورؤوس عن كواهلها. رحمهم الله , ثم حانت صلاة المغرب فما صلى بالناس إلا إماء صلاتي العشاء واستمر القتال في هذه الليلة كلها وهي من أعظم الليالي شراً بين المسلمين وتسمى هذه الليلة ليلة الهر ير وكانت ليلة الجمعة، تقصفت الرماح ونفذت النبال وصار الناس إلى السيوف وعلي رضي الله عنه يحرض القبائل ويتقدم إليهم يأمر بالصبر والثبات وهو أمام الناس في قلب الجيش وعلى الميمنة الأشتر تولاها بعد قتل عبد الله بن بديل عشية الخميس ليلة الجمعة. وعلى المسيرة ابن عباس والناس يقتتلون من كل جانب فذكر غير واحد من علمائنا علماء السير أنهم اقتتلوا بالرماح حتى تقصفت وبالنبال حتى فنيت وبالسيوف حتى تحطمت ثم صاروا إلى أن تقاتلوا بالأيدي والرمي بالحجارة والتراب في الوجوه وتعاضوا بالأسنان يقتتل الرجلان حتى يثخنا ثم يجلسان يستريحان وكل واحد منهم يهمر على الأخر ويهمر عليه ثم يقومان فيقتتلان كما كانا فإنا لله وإنا إليه راجعون ولم يزل ذلك دأبهم حتى أصبح الناس من يوم الجمعة وهم كذلك وصلى الناس الصبح إيماء وهم في القتال حتى تضاحي النهار وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح وقالوا: هذا بيننا وبينكم قد فني الناس فمن للثغور؟ ومن لجهاد المشركين والكفار) (١)

رفع أهل الشام المصاحف


(١) - البداية والنهاية (٧/ ٢٦٩) بتصرف

<<  <   >  >>