نحواً من ثلاثين ألفاً , فإنا لله وإنا إليه راجعون وأصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل ومنادي علي ينادي: ألا كفوا , ألا كفوا فلا يسمع أحد. وقد كان من سنتهم في هذا اليوم أنه لا يذفف على جريح ولا يتبع مدبر , وقد قتل مع هذا خلق كثير جداً , حتى جعل علي يقول لابنه الحسن: يا بنيّ ليت أباك مات قبل هذا بعشرين عاماً فقال له: يا أبتي لقد كنت أنهاك عن هذا. قال: يا بني إني لم أر أن الأمر يبلغ هذا.ثم تقدمت عائشة رضي الله عنها في هودجها وناولت كعب بن سوار قاضي البصرة مصحفاً وقالت: دعهم إليه وذلك أنه حين أشتد الحرب وحمي القتال ورجع الزبير وقتل طلحة - رضي الله عنهم -. وكان عبد الله بن سبأ اليهودي وأتباعه بين يدي الجيش يقتلون من قدروا عليه من أهل البصرة لا يتوقفون في أحد فلما رأوا كعب بن سوار رافعاً المصحف رشقوه بنبالهم رشقة رجل واحد فقتلوه ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وجعلت الحرب تأخذ وتعطي فتارةً لأهل البصرة وتارةً لأهل الكوفة وقتل خلق كثير وقطع يد سبعين رجلاً وهى آخذة بخطام الجمل وجعل أولئك يقصدون الجمل وقالوا: لا يزال الحرب قائماً مادام هذا الجمل واقفاً وأخذ زمام الجمل بني ضبة فكلما قتل واحد ممن يمسك الجمل يقوم غيره حتى قتل منهم أربعون رجلاً قالت عائشة: مازال جملي واقفاً معتدلاً حتى فقدت أصوات بني ضبة ثم أخذ الخطام سبعون رجلاً من قريش وكل واحد يقتل بعد صاحبه فكان منهم محمد بن طلحة المعروف بالسجاد وأخذ الخطام عمرو بن الشرف فجعل لا يدنو منه أحد إلا حطه بالسيف فأقبل إليه الحارث بن زهير الأزدي , واختلفا ضربتين فقتل كل واحد صاحبه , وأحدق أهل النخبة والشجاعة بعائشة فكان لا يأخذ الراية ولا خطام الجمل إلا شجاع معروف فيقتل من قصده ثم يُقتل بعد ذلك وفقئت عين عدي بن حاتم الطائي ذلك اليوم، ثم تقدم عبد الله بن الزبير فأخذ بخطام الجمل وجرح في رأسه جرحاً