للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزواجه، وترك الاختلاط بهم، والتبري منهم) (١) .

الأدلة القرآنية على حرمة الطعن في الصحابة

يقول شيخ الأسلام ابن تيميه: (أما الأولُ فلأنّ الله سبحانه يقول: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} وأدنى أحوال السابّ لهم أن يكون مغتاباً، وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (وَالطَّاعِنُ عَلَيْهِمِ هُمَزَة لُمَزَةٌ) وقال: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} وهم صدور المؤمنين فإنهم هم المواجَهون بالخطاب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} حيث ذُكرت، ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم، لأن الله سبحانه رضي عنهم رضىً مطلقاً بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رضي الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسانٍ، ولم يرضَ عن التابعين إلا أن يتّبعوهم بإحسانٍ، وقال تعالى: {لَقَدْ رَضي اللهُ عَنِ المُؤْمِنينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} والرضى من الله صفةٌ قديمةٌ، فلا يرضى إلا عن عبدٍ علم أنه يوافيه على موجبات الرضى ومَن - رضي الله عنه - لم يسخط عليه أبداً، وقولة تعالى: {إذْ يُبَايِعُوْنَكَ} سواءٌ كانت ظرفاً محضاً أو ظرفاً فيها معنى التعليل فإن ذلك ظرفٌ لتعلق الرضى بهم، فإنه يسمى رضىً أيضاً كما في تعلق العلم والمشيئة والقدرة وغير ذلك من صفات الله سبحانه، وقيل: بل الظرفُ يتعلقُ بنفسِ الرضى، وإنه يرضى عن المؤمن بعد أن يطيعه، ويسخط عن الكافر بعد أن يعصيه، ويحبُّ من اتبع الرسول بعد اتباعه له، وكذلك أمثال هذا، وهذا قول جمهور السلفِ وأهل الحديث وكثير من أهل الكلام وهو الأظهر، وعلى هذا فقد بيّن في مواضع أُخر أن هؤلاء


(١) - من سب الصحابة ومعاوية فأمهُ هاوية ص ٣٨-٣٩

<<  <   >  >>