وقد اخترت الحديث عن هذا الموضوع (الاختلاف) لأنه قد كثر في عالم الشباب, وانتشر مع التنابز والفرقة والخوض في الأعراض والنيل من الفضلاء. فكان لا بد لعلماء الإسلام ودعاته أن يتصدوا لهذه الظاهرة المتفشية.
ولقد تأملت الخلاف بأنواعه واستعرضته أمام خاطري فرأيت أن سبب الخلاف العام هو وجود الخطأ، فهو (أي الخطأ) بوابة الخلاف الرئيسة حتى وإن كان هناك - حقيقة - أبواب رئيسة أخرى تكبر بوابة الخطأ قد تكون هي سبب الخلاف الحاصل؛ مثل: بوابة الحسد أو البغض أو غير ذلك من الأسباب، ولكن يظل الخطأ هو السبب المتفق عليه سواء كان ذلك حقيقة أو تلبيسا لإخفاء حقيقة لا يحب المخالف أن يظهرها، فيفرغ ما بداخله بحجة أن فلانا أخطأ أو انحرف عن الطريق، والله وحده هو الذي يعلم السرائر، ولكن يجب أن نذكر أنفسنا بقوله صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه»(١) ، والأجر والحساب عند الله علام الغيوب.
(١) أخرجه البخاري (١) , ومسلم (١٩٠٧) ,وأخرجه أبو داود (٢٢٠١) والترمذي (١٦٤٧) والنسائي١ / ٥٩-٦٠. انظر كتاب الجمع بين الصحيحين للموصلي رقم (٢٨٥٧) .