للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أكثرهم بالجريان.

وأنكر ذلك بعضهم. واستدلوا بقوله تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها" (١) - أخبر الله تعالى أنه علم آدم صلوات الله عليه (٢) الأسماء كلها، ولا يتحقق القياس في موضع النص (٣)، لما (٤) ذكرنا من أقسام الألفاظ: أن اللفظ إما أن يكون حقيقة أو مجازاً. والحقيقة إما وضعية أو عرفية أو شرعية، وكل ذلك ثابت بالوضع. والمجاز إما أن يكون (٥) بوضع طارئ أو طريقه موضوع لغة. والوضع هو التنصيص (٦) على أسماء المسميات كلها، فمتى كان الأسماء كلها منصوصاً عليها، فأنى يتصور القياس والاستنباط؟

وجه قول العامة، هو (٧) أن الأسماء في الأصل وضعت لمعرفة المسميات الحاضرة، الحسوسة أو العقولة، لحاجتهم إلى التمييز بينها بالأسامي. فأما ما غاب عن حسهم ولم يكن من الأشياء المعقولة، فلم يخطر ببالهم، فلم يقع لهم الحاجة إلى وضع الاسم له إن كان الوضع بالاصطلاح. وإن كان توقيفياً (٨)، فإنما يرد التوقيف بالأسماء في الأشياء المعقولة (٩) المعلومة، ليحصل لهم التمييز بينهما بالأسماء.

وإذا ثبت هذا، فهذه الأشياء المحسوسة الحاضرة انعدمت بمضي الزمان وتقادم العهد، سوى الأرض والسماء وما بينهما، وحدثت أمثالها


(١) سورة البقرة: ٣١.
(٢) "صلوات الله عليه" من أ.
(٣) في ب: "التنصيص".
(٤) في أ: "ولما".
(٥) في ب: "إنما يكون".
(٦) في ب: "هو أن التنصيص".
(٧) في النسخ جميعاً: "وهو".
(٨) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "توقيفية".
(٩) "المعقولة" من ب.