للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وأما العقل، وهو أن الجمع عبارة عن الاجتماع، وهو ضم الشيء إلى مثله (١)، فمعنى الجمع موجود في الاثنين، فيكون جمعًا صحيحًا، وإن كان في الثلاث أكثر - ألا ترى أن الثلاث جمع صحيح، وإن كان معنى الاجتماع، فيما وراء الثلاث، أكثر، والكلام في أقل الجمع. هذا كالجسم: لما كان عبارة عن اجتماع أجزاء وتركيبها (٢)، فأقل الجسم جوهران لوجود معنى الجسمية فيه, وإن كان فيما وراء ذلك أكثر - كذا هذا.

- وأما استعمال أرباب اللسان، فإنهم يستعملون صيغة الجمع في التثنية نحو قولهم (٣): "نحن فعلنا" و"نحن نفعل" ونحو ذلك، في التثنية والجمع جميعًا.

ثم إن (٤) سلمنا أن الاثنين ليس بجمع صحيح وضعًا، ولكنه جمع شرعًا، فإن الشرع أعطى للاثنين حكم الجماعة في باب الميراث والحجب والشهادة ونحوها. قال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (٥) والاثنان من الإخوة يحجبان (٦) الأم من الثلث إلى السدس. وقال: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} (٧): أقام الثنتين مقام الجماعة في حق استحقاق الثلثين. وكذا في الوصايا.

ولنا الاستدلال بالسنة، ووضع أهل اللغة:

- أما السنة، فما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة ركب" - فالنبي - صلى الله عليه وسلم - فصل بين التثنية والجمع.


(١) كذا في ب. وفي الأصل: "مثليه".
(٢) في ب كذا: وتركتها".
(٣) في ب: " كقولهم".
(٤) كذا في ب. وفي الأصل: "ثم ولئن".
(٥) سورة النساء: ١١.
(٦) كذا في ب. وفي الأصل: "يحجبون".
(٧) سورة النساء: ١٧٦.