للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الأمر بالشيء ليس ونهي عن ضده، والنهي عن الشيء ليس بأمر بضده - فلزمهم التناقض (١)، إذ ليس تفسير النهي إلا حرمة الفعل، فتكلفوا لدفع التناقض:

فقال بعضهم: إن حرمة الضد لم يثبت بموجب الأمر وصيغته حتى يكون نهياً عن ضده، ولكن ثبت (٢) ضرورة حكمه، فلا يكون مضافاً إلى الأمر.

وقال بعضهم: يقتضي حرمة ضده. والمقتضي يثبت زيادة على اللفظ بطريق الضرورة (٣).

وقال بعضهم: يدل على حرمة ضده، كالنهي عن التأفيف: يدل على حرمة الضرب، وليس ذلك (٤) من موجبات اللفظ أعني (٥) لفظ التأفيف (٦).

ولكن هذا دفع (٧) التناقض (٨) من حيث الصورة، لا من حيث المعنى، فإن النهي ليس إلا حرمة الفعل، فمتى قالوا حكم الأمر وجوب الفعل ومن ضرورته (٩) حرمة الفعل الذي هو ضده - يعرف ذلك ببديهة العقل، فيكون مضافاً إليه ضرورة، وضرورة العقل فوق موجب الصيغة. وكذا ما كان دليلا على الشيء فالعلم (١٠) بالمدلول يضاف إلى الدليل، كا في الدخان مع النار - دل أن التناقض قائم.


(١) كذا في ب. وفي الأصل ومتن أ: "بضده وقعوا في التناقض". وفي هامش أتصحيحًا: "فلزمهما التناقض".
(٢) في ب: "يثبت".
(٣) "وقال بعضهم: يقتضى حرمة ضده ... بطريق الضرورة" ليست في ب.
(٤) في أ: "حرمة الضرب وإن لم يكن".
(٥) "اللفظ أعني" من ب.
(٦) في هامش أ: "أي دفع التأفف".
(٧) في ا: "وقع".
(٨) "التناقض" من ب.
(٩) في ب: "ضرورة".
(١٠) في ب: "والعلم".