شَهادَتُه لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ رَدَّه لها حُكْمٌ بالرَّدِّ، فقَبُولُها نقْضٌ له فلا يجوزُ، بخِلافِ رَدِّ صَبِيٍّ وعَبْدٍ، لإِلْغاءِ قوْلِهما. وقال في «الانْتِصارِ» أيضًا في شَهادَةٍ في نِكاحٍ: لو قُبِلَتْ، لم يكُنْ نَقْضًا للأَوَّلِ، فإنَّ سَبَبَ الأَوَّلِ الفِسْقُ، وزال ظاهِرًا، لقَبُولِ سائرِ شَهاداتِه. وإذا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الواقِعَةِ فتَغَيَّرَ القَضاءُ بها، لم يكُنْ نقْضًا للقَضاءِ الأوَّلِ، بل رُدَّتْ للتُّهْمَةِ؛ لأنَّه صارَ خَصْمًا فيه، فكأَنَّه شَهِدَ لنَفْسِه، أو لوَلِيَّه. وقال في «المُغْنِي»: ردُّ شهادةِ الفاسقِ باجتهادِه. فقبولُها نقضٌ له. وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رَدِّ عَبْدٍ: لأنَّ الحُكْمَ قد مضَى، والمُخالفَةُ في قَضِيَّةٍ واحدَةٍ نقْضٌ مع العِلْمِ. وإنْ حكَم ببَيِّنَةِ خارِجٍ، أو جَهِلَ عِلْمَه ببَيِّنَةِ داخِلٍ، لم يُنْقَضْ؛ لأنَّ الأَصْلَ جَرْيُه على العَدْلِ والصِّحَّةِ. ذكَرَه المُصنِّفُ في «المُغْنِي» في آخِرِ فُصولِ مَنِ ادَّعَى شيئًا في يَدِ غيرِه (١). قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. يعْنِي بنَقْضِه.
الثَّانيةُ، ثُبوتُ الشيءِ عندَ الحاكمِ ليسَ حُكْمًا به. على ما ذكَرُوه في صِفَةِ السِّجِلِّ، وفي كتابِ القاضي، على ما يأْتِي. وكلامُ القاضي هناك يُخالِفُه. قال ذلك في «الفُروعِ» وقد دلَّ كلامُه في «الفُروعِ» في بابِ كتابِ القاضِي إلى القاضِي، أنَّ في الثُّبوتِ خِلافًا؛ هل هو حُكْمٌ، أمْ لا؟ بقَوْلِه في أوائلِ البابِ: فإنْ حكَم المالِكِيُّ للخِلافِ في العَمَلِ بالخَطِّ، فلحَنْبَلِيٍّ تنْفِيذُه، وإنْ لم يحْكُمِ