بالتخصيص، فبقاء الأمر على عمومه بما يشمل الجميع، فهذا هو الأصل وهو المتَعَيِّن.
قال صالح بن عبد العزيز آل الشيخ:
الاستعانة بالجن من أسباب إغراء الإنسي بالتوسل إلى الجني، وبرفعة مقامه وبالاستمتاع به، وقد قال جل وعلا {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} [الأنعام: ١٢٨]
ويحصل الاستمتاع من الإنسي بالجني بأن يخدمه الجني، وقد يكون مع ذلك الاستمتاع ذبح من الإنسي للجني، وتقرب بأنواع العبادات؛ ولهذا نقول:
إن تلك الاستعانة بجميع أنواعها لا تجوز، فمنها ما هو شرك - كالاستعانة بشياطين الجن- يعني: الكفار منهم - ومنها ما هو وسيلة إلى الشرك، كالاستعانة بمسلمي الجن. (١)
٢ - أن الجن في زمن النبوة كان منهم من لقي النبي صلى الله عليه وسلم، واستمع إليه، وأسلم معه، ومعلوم أن عندهم من القدرات والإمكانات التي أعطاهم إياها الله - تعالى- ما ليس لغيرهم؛ وقد مضى زمن النبوة وزمن الصحابة رضى الله عنهم، ولم يجر فيه الاستعانة بالجن - حتى المسلم منها - فكان هذا الأمر بمثابة إجماع منهم على عدم مشروعيته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
فلم يستخدم الجن أصلاً - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - لكن دعاهم إلى الإيمان بالله، وقرأ عليهم القرآن، وبلَّغهم الرسالة، وبايعهم كما فعل بالإنسى. (٢)
٣ - قد ورد في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبى هريرة رضى الله عنه:
«صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان» (٣)
فالأصل في الشياطين الكذب، فلا يؤمن كذب من يزعم منهم أنه مسلم
(١) التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص/٦١٥)
(٢) مجموع فتاوى (١٣/ ٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٧٥)