للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر عن أحاديث امتحان أطفال المشركين في العرصات:

وهي كلها أسانيد ليست بالقوية، ولا يقوم بها حجة، وقد ذكرناها بأسانيدها في التمهيد. (١)

* إشكالات نختم بها بحثناً، والجواب عنه:

الإشكال الأول:

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا. (٢)

فظاهرالحديث يعارض في الفهم حديث الباب الذى أفاد أن كل مولود يولد على الفطرة.

* وجوابه من وجهين:

الأول:

عموم حديث الباب (كل مولود يولد على الفطرة..) مخصَصٌ بحديث غلام الخضر، ومما يؤيد ذلك:

ما ورد في حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ-رضى الله عنه- الذى كان يَقُولُ:

الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، ثم يروي حديث النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قَالَ:

" يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَقُولُ:

يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟. (٣)

الثاني:

أن غلام الخضر مولود على الفطرة كسائر الخلق، لكنه كتب في علم الله -تعالى- أنه إذا بلغ فيسصير إلى الكفر والفسوق والعصيان، وهذا تفسير قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" الله أعلم بما كانوا عاملين "، فيكون هذا من باب علم ما لم يكن لو كان كيف سيكون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

أئمة السنة مقصودهم أن الخلق صائرون إلى ما سبق به علم الله منهم من إيمان وكفر، كما في الحديث (إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً) والطبع الكتاب، أي كتب كافراً كما قال: (فيكتب رزقه، وأجله وعمله،


(١) الاستذكار (٣/ ١١٤)
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٦١)
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>