* ولمّا قَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَد، قالَ لها النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-:
«لا تَقُولِي هَكَذَا، وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ». (١)
* وقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». (٢)
** وقوله -صلى الله عليه وسلم- «فإنّما أنا عبدُ الله ورسولُه» هو من أساليب اللغة في الحصر، أي: ما هو -صلى الله عليه وسلم- إلا عبدٌ رسولٌ، وجاء هذا الحصرُ بعد فاءِ التعليل؛ لِبيانِ أنّ العلة في عدم الإطْراء هي كَونُه -فحسْبُ- عبداً رسولاً، فهو عبدٌ لا يُعبد، ورسولٌ لا يكذب. (٣)
هكذا مقام عدم الإفراط...
وأما عدم التفريط فإنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هو نبيُّ الله وَرَسُولُهُ، فقد جاءت البِشارة به في: التوراة، والإنجيل، والقرآن.
قال -تعالى-: {الذينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: ١٥٧]
وقال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ...} [الصف: ٦]، وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- وقد سُئل عن صِفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المذكورة في التوراة، قال:
"وَرَدَ في التوراة: "يا أيها النبيُّ، إنّا أرسلناك شاهداً ومبشِّراً ونذيراً، وحِرْزاً لِلْأُمِّيِّينَ، أنتَ عَبْدي ورسولي، سَمَّيْتُكَ (المُتَوَكِّلَ)، ليسَ بِفَظٍّ ولا غليظٍ ولا صَخّابٍ في الأسواق، ولا يَدفعُ بالسيئةِ السيئةَ، ولكنْ يعفو ويَغفرُ". (٤)
*وأدلة ذلك في القرآن كثيرة:
قال -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...} [الفتح:
(١) أخرجه البخاري (٤٠٠١).
(٢) أخرجه أحمد (١٦٤)، والبخاري (٣٢٦١).
(٣) التوضيح الرشيد في شرح التوحيد (ص/١٤٧).
(٤) أخرجه أحمد (٦٦٢٢)، والبخاري (٢١٢٥).