للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر في "الشقائق" أن المولى خضر شاه المنتشوي (١) لما قدم من مصر جعله السلطان مراد خان مدرساً بمدرسة بلاط وعيّن له كل يوم خمسين درهماً فلم يقبل وقال: وزعت خمسة عشر درهماً لمصارفي فإذا زاد عليها يُشَوِّش [وقتي].

وذكر أيضاً أن المولى فخر الدين العَجَمي (٢) صار مفتياً في زمن السلطان مراد خان، وهو أول مفتٍ في الدولة العثمانية، وعُيِّن له كل يوم ثلاثون درهماً. وأراد السلطان أن يزاد عليها فلم يقبل وقال: حقي في بيت المال ما يقوم بكفايتي ولا تحل الزيادة عليه.

وأن المولى شمس الدين محمد الفَنَاري (٣) كان مدرساً ببروسا وقاضياً ومفتياً بها وكان صاحب ثروة عظيمة وشوكة. وكان إذا خرج إلى الجامع يوم الجمعة يزدحم الناس على بابه بحيث يمتلئ ما بين بيته وبين الجامع. وكان له من العَبيد والجواري [ما] لا يحصون كثرة ومع هذا كان يلبس ثياباً دنيّة. وكان على رأسه عمامة صغيرة على زيّ المشايخ الصوفيين. وكان يتعلل في ذلك ويقول: إن ثيابي وطعامي من كسب يدي ولا يفي كسبي بأحسن من ذلك. وكان يعمل صنعة القَزَّازية. ذكره صاحب "الشقائق" (٤).

وقال في ترجمة المولى خسرو (٥): إنه كان يلبس الثياب الدّنية وعلى رأسه تاج عليه عمامة صغيرة فإذا دخل يوم الجمعة جامع آياصوفية يقوم له من في الجامع كلهم ويطرّقون له إلى المحراب والسلطان محمد خان ينظر من مكانه ويفتخر به ويقول لوزرائه: انظروا هذا أبو حنيفة زمانه. وكان متواضعاً ساكناً وقوراً وكان يخدم في بيت مطالعته بنفسه. وقد كان عهد كذلك مع ما له من العبيد والجواري.

وذكر لطفي بكزاده في هامش ترجمة المولى شيخ الإسلام حميد الدين بن أفضل الدين الحسيني (٦)، أنه كان يلبس العباء الأبيض في أكثر الأوقات ويصلي على حصير، قال: حدثني ثقةٌ أنه رآه يصلي الجمعة في جامع السلطان محمد خان على سجادة صغيرة من حصير. وفي ظهره عباء وعلى رأسه عمامة صغيرة لكن الناس لا يأتون بمكان قريب منه لتعظيمهم إيَّاه.


(١) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (٥٩) طبع بيروت و (٩٥) طبع إستانبول، وقد نقل المؤلف عنه بتصرف واختصار، وفي القسم الأول برقم ١٦٢٨.
(٢) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (٣٨) طبع بيروت و (٥٩) طبع إستانبول، وفي القسم الأول برقم فى ٣٥٤١.
(٣) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٠٧٥.
(٤) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (١٦) طبع بيروت و (٢٢) طبع إستانبول، وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(٥) ترجمته في "الشقائق النعمانية" (٧١) طبع بيروت و (١١٨) طبع إستانبول، وفي القسم الأول برقم ٤٤٦٩.
(٦) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ١٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>