أو لسنا قد بينا أم الذي تريده هو نفس نقلهم دون اعتقادهم له وإجماعهم على القول به؟ فأي معنى لقولك: أو يكون اجتماعهم عن رواية قد خولفوا فيها، والحجة هي نفس الرواية.
فأما إن خولفوا فيما نقلوه فإن ينظر فإن خولفوا فيه إلى تواتر فلا حجة في أحد النقلين وإن خولفوا فيه إلى نقل آحاد كان نقلهم هو الحجة ولم يلتفت إلى النقل المخالف لنقلهم؛ لأنه آحاد في مقابلة تواتر. والمسألة مبنية على هذا القسم.
ثم قال: أو يكون إجماعهم على استنباط؛ فبإزائهم استنباط المخالفين لهم، والحق إنما يعرف بالدليل.
يقال له: أيضًا هذا تقسيم من لا يعرف قول مخالفيه، وقد بيناه؛ فلا فائدة في تكراره.
فأما إجماعهم من طريق الاستنباط فليس هو مرادنا في هذا الموضع، ونحن نذكره فيما بعد إن شاء الله.
فصل
فإذا تقرر من مذهبنا ما ذكرناه فالذي يدل على أنه حجة أتصال نقله على الشرط المعتبر في التواتر من تساوي أطرافه، وكون ناقليه من الكثرة بحيث لا يصح عليهم التشاغر والتواصل والاجتماع على الكذب، ولا خلاف في قيام الحجة فيما هذا وصفه من النقل.
فإن قالوا: هذه دعوى؛ لأنا لو سلمنا أن نقلهم لما نقلوه في هذه المسألة على هذه الصفة لم نخالفوه فبينوا ذلك.