فإن كانت مخالفته في قيام الحجة به فذلك مخالفة لإجماع جميع أهل العلم من وجوب الرجوع إلى مخبر الخبر المتواتر إذا نقله ممن تقوم الحجة بنقله وإن لم يكونوا جميع الأمة؛ لأن شرط التواتر إذا حصل في النقل لزم العمل به، وليس من شرطه ألا يبقى أحد إلا وينقله، ولا يخالف في هذا محصل، وإن كان يخالف في أن هذا موجود في مسألتنا فنحن نبين ذلك.
وقد اختلف أجوبتهم عند هذا التقرير بعد أن حكوا مذهبنا على غير وجهه، وأضافوا إلينا ما لا نقوله نحن ولا غيرنا؛ فمن ذلك حكاية جمهورهم عن مالك - رحمه الله - أنه قال: الإجماع الذي تحرم مخالفته هو إجماع أهل المدينة، وأنه لا معتبر بمن خالفهم.
وهذا ليس بقول مالك، ولا لأحد من أصحابه، ولا أعلمه قولاً لمسلم أيضًا؛ لأن الناس في الإجماع على أضرب: منهم من لا يقول به أصلاً، ومنهم من يقول بإجماع الصحابة فقط دون بعدهم وهذه طريقة أهل الظاهر، ومنهم من يقول بإجماع أهل الأعصار وهذا مذهب مالك - رحمه الله - وكافة أهل العلم وفقهاء الأمصار، ويزيد مالك وأصحابه عليهم بقسم آخر وهو إجماع أهل المدينة. فأما أن يقول: لا إجماع إلا إجماع أهل المدينة، ولا معتبر بغيرهم: فغلظ عليه، وأضافه للمحال إليه.
وحكى أبو بكر الصيرفي الشافعي - من أصحابنا - في مثل هذا المسألة التي عملها في إجماع أهل المدينة فقال ما حكيته.
وقال فريق: الإجماع إجماع أهل المدينة، والخلف تبع لهم - يريد: