فرجع يعقوب عن قول أبي حنيفة إلى قول مالك - رحمه الله.
وقال الواقدي: طفت بصاع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مالك، وأبي الزناد، وابن أبي ذئب، وابن أبي شبرمة فوجدت عياره خمسة أرطال وثلث.
وحكى عن أحمد بن حنبل - رحمه الله - أنه عيره فوجده مثل ذلك.
فوجب [ق/ ١١٧] بما ذكرناه من النقل المتواتر في ذلك من أهل المدينة - على ما وصفناه - أن يكون صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو هذا المقدار؛ كما وجب ذلك في نقلهم غزواته وموضع قبره ومنبره.
فأما قول الكرخي - فيما حكى عنه - أن أبا يوسف لم يكن من سبيله أن يرجع؛ لأن أهل المدينة لم يقولوا إنه خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وإنما أرادوا برطل أهل المدينة: فإته باطل؛ لأن مالكًا - رحمه الله - ويعقوب ومن حضر معهما من فقهاء المدينة وغيرهم لم يخف عليهم قصد أهل المدينة في ذلك مع كثرة أهل البحث وطول الفحص وشدة اهتمام الرشيد بهذا الأمر؛ فبطل ما قالوه.
ولأن رطل أهل المدينة مائتا درهم؛ فلا يحصل منه واحد من المذهبين. وهذا الدليل هو عمدة المسألة.
ويدل عليه أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة:"أتؤذيك هوام رأسك؟ " قال: نعم. قال:"احلق رأسك وانسك بشاة، أو صم ثلاثة أيام وتصدق بثلاثة أصوع على ستة مساكين".