إذا أصبت عند السلطان لطف منزلة لغناء تجده عندك أو هوى يكون منه فيك فلا تطمح كل الطماح ولا تزين لك نفسك المزايلة عن أهل بعثه وسره؛ فإن ذلك سفه.
إياك أن تشكو إلى وزير السلطان ودخلائه ما اطلعت عليه من رأي تكرهه له فإنك لا تريد أن تبغضهم لهواه وتقربهم منه بتزينك ذلك له والميل عليه معه.
واعلم أن الرجل ذا الجاه عند السلطان والخاصة به لا محالة أن يرى من الوالي ما يخالفه من الرأي في الأمور، وإدناء من لا يجب إدناؤه، وإقصى من لا يجب إقصاؤه، فإذا آثر ما يكره يغير له وجهه ورأيه وكلامه حتى يبدو ذلك للسلطان وغيره فتفسد بذلك منزلته ومروته، واحتمال من خالفك من رأي السلطان أوجب؛ فإنه إنما كان سلطانا لتتبعه في رأيه وأمره، وليس بأن يكلفه اتباعك وتغضب من مخالفته إياك.
لا تكن صحبتك للسلاطين إلا بعد رياضة نفسك على طاعتهم في المكروه عندك، وموافقتهم فيما خالفوك، وتقدير الأمور على أهوائهم، وألا تكتمهم سرك، ولا تستطلعهم ما كتموك، وتخفي ما أطلعوك عليه من الناس كلهم، وعلى الاجتهاد في