واحدًا وعم بالمسألة الجماعة فلا تبادرن بالجواب ولا تواتين الكلام فإن ذلك شين وتكلف وخفة، فإنك إذا سبقت القوم إلى الجواب صاروا لجوابك خصمانا فتعقبوه بالعيب والطعن، وإذا حبست جوابك اعترضت أقاويلهم وتدبرتها ثم هيأت من تفكرك ومحاسن ما سمعت جوابا حسنا مرضيا ثم استدبرت به أقاويلهم حين يصغى إليك بالأسماع ويهدأ عنك الخصوم.
وإذا فاتك الجواب فلا تحزن على فواته؛ فإن صيانة القول خير من سوء صنعه في غير موضعه، وإن كلمة واحدة من الصواب تصيب فرصتها خير من مائة كلمة في غير فرصتها مع أن كلام العجلة والبدار موكل بالزلل وسوء التقدير وإن ظن صاحبه أنه أحكم وأتقن.
إذا كلمك الوالي فأصغ لكلامه ولا تشغل طرفك عنه بنظر إلى غيره، ولا أطرافك بعمل، ولا قلبك بحديث نفس، واحذر هذه الخصلة من نفسك وتعاهدها