[فهذا إنما ابتدأ الكفارة بعد نية العودة فقد لزمه تمامها، وتخلدت في ذمته، وهذه رواية أشهب عن مالك، وهو قول ابن أبي سلمة، فلما تخلدت الأولى في ذمته لم يكن له أن يشرك فيها ثانية، كما لو وطيء المظاهر منها فأخذ في الكفارة عنها، ثم ظاهر منها ثانية، فإنه يبتديء الكفارة للظهار الثاني بعد تمام الأولى؛ لأن الأولى واجبة عليه مات، أو ماتت أو فارقها، فلا يشرك معها غيرها فيصير كأنه لم يكفر عن الثانية، وكمن قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر، فاشتراه فأراد أن يعتقه عن ظهاره فلا يجزئه؛ لأنه وجب عتقه بما عقد له قبل الشراء فهذا مثله، وهو بين أيضاً على هذا القول.
ووجه قول أصبغ: إن كان الأول بيمين حنث فيها، والثاني قولاً بغير يمين، فإنه يجزئه أن يبتديء الكفارة من ظهاره الثاني، فصواب؛ لأنه إذا حنث في الأولى لزمه الظهار كالظهار المجرد، ولا يسقطه طلاقه ثلاثاً إن تزوجها بعد زوج، فهو كتكرير الظهار المجرد، ولأنها بالحنث صار مظاهراً منها، فلم يزدنا بقوله: أنت علي كظهر أمي إلا الإخبار أنها عليه كظهر أمه، فهو كتكرير الظهار.
قال: وإذا كان الأول ظهاراً مجرداً، والثاني يمين فيها فليتم الكفارة الأولى ويبتديء كفارة ثانية للظهار الثاني فهو كما قال؛ لأنهما ظهاران لا يتداخلان، وعليه إن حنث فيهما كفارتان؛ لأن الأولى لزمته لزوماً لا يسقطه الطلاق ثلاثاً، والثاني بيمين حنث فيها فهو كما لو كان الأولى بيمين والثاني بيمين خلافها، فهما ظهاران لا يتداخلان ويلزمه لكل واحدة منهما كفارة كاليمين بالله في ذلك.