أو أدى العبد أو غيره ما على السيد من الدّين لم يكن للغرماء إلى نقض العتق سبيل، وكذلك لو طال زمانه حتى وارث الأحرار وجازت شهادته والمستحق لا يمنعه من نقض العتق مانع فوجب أن يكون عتق المشتري أضعف، وأيضاً فإن المديان أعتق عبده حقيقة وهذا أعتق غير عبده حقيقة؛ ولأن من أصل ابن القاسم أن فعل المستحق من يده في الشيء المستحق كلا فعل؛ كمن حلف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل كذا فقضاه إياه قبل الأجل، ثم استحق ذلك الحق بعد الأجل؛ أنه حانث، ولم يعد قضاؤه؛ لأنه إنما قضاه مال غيره.
وأما احتجاجه بأن فعل المديان فعل عِدا، فعتق المكاتب أيضاً فعل عدا، وأنا أريك ما هو أقوى في العدا: الأمة تكون بين الرجلين فيطؤها أحدهما فتحمل منه وهو معدم؛ إن لشريكه أن يُلزمه القيمة وتكون له أو ولد، فقد جعلوها بوطء العدا أو ولد، فكذلك ينبغي إن أجاز الغرماء عتق المديان أن يجوز ما تقدم له من إرث وشهادة؛ لأنهم إنما أجازوا فعلاً متقدماً وكأنه لم يزل حراً من ذلك الوقت، وقد قال مالك وابن القاسم في كتاب ابن حبيب: إن عتق المديان على الإجازة حتى يرد وكذلك قالا: في عتق المشتري: إن العتق منعقد بظاهر الشراء فلا فرق بينهما.
وابن القاسم فلم يصرح في المدونة أنه لا يوارث الأحرار وإن أجاز الغرماء عتقه بل قال: لا أرى أن يرث؛ لأنه عبد حتى يعلم الغرماء فيجيزوا ذلك أو يفيد السيد مالاً فهذه إشارة إلى أنهم إن أجازوا ورث/ وإن أفاد السيد مالاً ورث، وإن كان قد قال قبل ذلك: ولا أورث إلا من قد بتل عتقه ولا يرجع في الرّق على حال، وهذا أيضاً فيه بعض