والشيخ - رحمه الله - جعل أركان الإيمان بالله أربعة , وجعل أولها الإيمان بوجوده , وهذا لا نحتاج إليه إذا قررنا الثلاثة , لكن لما كان هناك - والعياذ بالله - من يجحد وجود الله ذكر بعضهم أولًا الإيمان بوجود الله، ثم من آمن بوجود الله عليه أن يؤمن بالأركان الثلاثة , لكن من آمن بأسماء الله وصفاته وآمن بربوبيته فهو مؤمن بوجوده , لأن هذه المعاني لا تتحقق إلا لموجود , فالله - تعالى - موجود وهو أكمل الموجودات , لأنه موصوف بكل كمال ومنزه عن كل نقص، ولأنه الخالق وكل ما سواه مخلوق، وهو الملك المتصرف , وهو الإله المستحق للعبادة وحده دون ما سواه.
وللناس في الإيمان بالله مذاهب وطرق:
١ - فأجهلهم وأضلهم وأكفرهم: الجاحد لوجود الله؛ وهم قلة في العالم , وحتى من يجحد وجود الله الغالب عليهم أنهم يفعلون ذلك تلبيسًا وتجاهلًا وتضليلًا , كما صنع فرعون حين قال:" وما رب العالمين "[الشعراء: ٢٣]، وقال:" ما علمت لكم من إله غيري "[القصص: ٣٨] وهذا تلبيس " فاستخف قومه فأطاعوه "[الزخرف: ٥٤]، وهو يعرف لكن وَجَدَ أقوامًا يخدعهم ويضللهم , وأخبر الله عن موسى أنه قال لفرعون:" لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض "[الإسراء: ١٠٢]، وقال تعالى:" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين "[النمل: ١٤]، وقال في الذين جحدوا الرسالة:" فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون "[الأنعام: ٣٣].
٢ - وهناك من يؤمن بوجود الله لكن لا يؤمن به على الوجه الصحيح الذي دلت عليه العقول والفطر والشرائع؛ فالفلاسفة يثبتون وجود الله ويسمونه العلة الأولى , لكن يقولون فيه أقوالا تناقض العقول والفطر وما جاءت به الرسل.