لأن عطاء روى عن عائشة أنها قالت: لا بأس أن يطوف الرجل ثلاثة أسباع ثم صلى ست ركعات، وإذا عني في طوافه جلس واستراح ثم قام فبنى.
روي أن عمر رضي الله عنه طاف بالبيت ثلاثة أطواف ثم قعد يستريح، ثم قام فبنى على طوافه، وفعل ذلك الحسن، وأجازه عطاء في الطواف والسعي بين الصفا والمروة. وكره مجاهد.
وينبغي للطائف أن يحصي طوافه، وفي ذلك شيئان. أحدهما أنه يقدر ما يقاس بقدر الطواف، يتزحزح عما لا يليق بذلك المقام من أمور الدنيا. والآخر أنه لا ينصرف على شفع، وهو لا يدري. روي عن عبد الله بن عوف قال: كنت أطوف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:(كم تعد؟ ثم قال: أن سألتك لتحفظ). وفي هذا الحديث إرشاد إلى أن معلم الفقه يحسن به أن يعافص المتعلم بالسؤال عن بعض ما يسمع.
وسئل عبد الله بن عمر عن السعي بين الصفا والمروة، فقال: إن خشيت أن لا تحصي فخذ معاك أحجار أو حصيات، قالوا بالصفا واحدة، وبالمروة أخرى. وكره مجاهد أن يقال لعدد الطواف أشواط وأدوار. وهذا بفعل دور العادة واللغو، كما قد يقال للاعتكاف بيت وللصائم حمية. ولأن الله عز وجل قال:{وليطوفوا بالبيت العتيق}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(من طاف سبوعًا) واختلف في الصلاة بمكة والطواف أيهما أفضل؟ فكان ابن عباس يقول: أما أهل مكة فالصلاة لهم أفضل وأما أهل الأمصار فالطواف، وتابعه على ذلك سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وهذا لأن الطواف مألوف لأهل مكة والصلاة لغيرهم، غير المألف أكثر كلفة من المألوف.
ومن جلس في المسجد الحرام فليكن وجهه إلى الكعبة، وينظر إليه إيمانًا واحتسابًا. فإنه يروى أن النظر إلى الكعبة عبادة. وقد تقدمت في هذا رواية خير، وقاله عطاء ومجاهد.
ومن تمام زيارة البيت وليس بواجب، دخوله والصلاة فيه. دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وصلى فيها ركعتين، متيامنًا بين العمودين المقدمين. وفي أي نواحي البيت صلى فجائز.