للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسراع نحو أمر موضوع له، وهو ينتظر له حتى إذا حضر وفر حظه منه، وتميز في ذلك ما كان هاجر عليها السلام في ذلك المكان من السعي الذي رجعت منه إلى ما ينظر وتكليف قد سقط، وذلك كان سؤلها ومأمولها. ولذلك قوبل لكل ممن اتبع في ذلك أثرها، أن يرجع منه إلى حج مبرور، وسعي مشكور وذنب مغفور، فإن ذلك سؤل الحج ومأموله.

ومن العلماء من ذكر أنه كان يقول في سعيه: اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، أنك أنت تعلم ما لا تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، كما ذكرته في الطواف.

ومن قدر على الطواف والسعي ماشيًا فذلك أولى به لأنه أخشع وأخضع، ألا ترى أن التنقل بالصلاة على الأرض أفضل منه على الراحلة، فكذلك الطواف. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه طاف وسعى راكبًا، إلا أن ابن عباس قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اشتكى، فطاف بالبيت على بعير ومعه معجن، كلما مر على الحجر استلمه، فلما فرغ من طوافه أناخ ثم صلى ركعتين وقال عطاء: أراد التوسعة على أمته. وفيه وجه ثالث: وهو أنه كان علما، والطواف والسعي إنما كانا يقعان منه في الجميع، فكان يقول: (خذوا عني مناسككم). فأراد أن يرى لتؤخذ عنه، ويعلم كم طاف وكم سعى، ومن أين ابتدأ وكيف افتتح وإلى أين انتهى، وكيف ختم، وفي أي موضع أحل الشعر، وفي أية لزم سحبة المشي؟

وقال هشام بن عروة: كان إذا رآهم يسعون بين الصفا والمروة وهم ركبان قال: (خابوا وخسروا).

فصل

وإذا أتى الموقف من عرفة فليتحر أن يقف وراء الإمام. قيل لنافع: أين كان ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>