مكذبين لهذا الخبر اعتمادًا على أنه مباين لصنعة الكواكب والأملاك والأفلاك غير لائق بوضعها ونظامها. فإذا شوهد ذلك عيانًا دل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ضرورة، تتوفى بوقوع العلم بتوبته ضرورة، ووقوع العلم بالله تعالى ضرورة. وإذا ارتفع الامتحان ورفعت الضرورة ولم يقع الإيمان ولا التوبة موقع العبادة كما لا يقعان في عرصات القيامة موقع العبادة لهذا المعنى- والله أعلم.
ثم قد روى أن الدنيا تبقى بعد طلوع الشمس من مغربها طويلًا حتى يلتقي الشيخان الكبيران، فيقول أحدهما للآخر: متى ولدت؟ فيقل: أخبرني أهلي أني ولدت ليالي طلعت الشمس من مغربها، فيحتمل- والله أعلم- أن يكون رد التوبة والإيمان على من آمن أو تاب، حتى يظهر هذا الأمر العظيم. فيحدث عنده من تغيير القلوب بما يحدث. فأما إذا عادت إلى ما كانت عليه من قبل وطلعت من المشرق وغربت من المغرب، وعادت الدواعي إلى النفس، وصار النفس وصار الناس كما كانوا فمن أسلم من الكفار، أو تاب من العصاة قلبت رجعته.
وأما على الوجه الآخر فينبغي أن تكون توبة كل من شاهد ذلك أو كان كالمشاهد، له مردود ما عاش لأن علمه بالله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم وبوعده وقد صار ضرورة. فإن الموت أيام الدنيا إلى أن ينشأ الناس من هذا الأمر العظيم ما كان. ولا يتحدثوا عنه إلا قليلا. فيصير الخبر عنه حاجًا، وينقطع التواتر عنه، فمن أسلم من ذلك الوقت أو تاب قبل عنه والله أعلم.
فصل
وأما ما جاء في الآية التي سبق ذكرها من قوله عز وجل:{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب}. فلا دليل فيه على أن قبول التوبة من العبد على الله كما قال الزاعم الذي أدحض الله حججه، لأن ذلك محال والمعنى أن التوبة الذي وعد الله قبولها، وليس بالذي يخلف وعده، فالقبول واقع منه لا محالة كما يقع