للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من المناكر بناء أهل الذمة الكنائس في بلاد المسلمين

ومن ذلك بناؤهم الكنائس والبيع في بلاد المسلمين قال في المدونة ليس لأهل الذمة أن يحدثوا ببلد الإسلام كنائس إلا أن يكون لهم أمر أعطوه. قال ابن القاسم ولهم أن يحدثوها في بلد صالحوا عليها وليس لهم ذلك في بلد العنوة لأنها فيء وليست لهم ولا تورث عنهم ولو أسلموا لم يكن لهم فيها شيء وما اختطه المسلمون عند فتحهم كالبصرة والكوفة والفسطاط وإفريقية وشبهها من مدائن الشام.

قال أبو إسحاق التونسي يريد بإفريقية القيروان فليس لهم إحداث شيء فيها إلا أن يكون لهم عهد فيوفى به لأن تلك المدائن صارت لأهل الإسلام دون أهل الصلح يبيعونها قال غيره كل بلدة افتتحت عنوة وأقروا فيها ووقعت الأرض لأعطيات المسلمين ونوائبهم فلا يمنعون من كنائسهم التي فيها ولا بأس أن يتخذوا فيها كنائس لأنهم أقروا فيها على ما يجوز لأهل الذمة ولا خراج عليهم في قراهم وإنما الخراج على الأرض.

قلت قوله في الكتاب ليس لهم أن يحدثوا ببلد الإسلام كنيسة يريد بلد العنوة بدليل قوله متصلا به ولهم أن يحدثوا في بلد صالحوا عليه كذا فسره الشيوخ وقوله إلا أن يكون لهم أمر أعطوه قال الشيخ أبو الحسن الزرويلي في تقييده أنظر ما الذي أعطوه وهل يجوز ذلك للإمام قالوا يجوز إذا كان هذا الأمر مصلحته أعظم لهم من مفسدته. قال أبو حفص العطار معنى قوله إلا أن يكون لهم أمر أعطوه يريد أن يكون قيل لهم أول الفتح نعطيكم هذه الأرض على أن تسكنوها وتتخذوا فيها كنيسة فأما أن يقال لهم على أن تتخذوا ما شئتم من الكنائس متى شئتم فلا.

وفي نوازل ابن الحاج ما طلبه النصارى الواصلون من العنوة من بناء بيع وكنائس في موضع استقرارهم وكيف إذا حبسوا شيئا عليها فأجاب هؤلاء النصارى وصفوا بالمعاهدين وذلك يتقضى ثبوتهم على ما سلب لهم من العهد والعقد من الذمة والولاء لهم واجب فيباح لكل طائفة بناء بيعة واحدة لإقامة شريعتهم ويمنعون من إظهار الصلب وضرب النواقيس ورأيت لبعص المالكيين نحوه وهو الصحيح عندي.

قلت إن لم يؤخذ بمقتصى هذا التفسير الذي وقع لهم في قوله إلا أن يكون لهم أمر أعطوه وما أجاب به ابن الحاج وما وقع لأبي حفص في البيعة التي في مقر اليهود عندنا وإلا فظاهر المدونة إطلاق المنع في أرض العنوة في قول ابن القاسم وإنما يتم إطلاق القول بجواز اتخاذها فيها على قول الغير.

<<  <   >  >>