للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله في الأمصار الكبار معناه حيث يكثر اللبس وأما الصغار حيث تكون القرية لهم فظاهر كلامه أنه لا يحتاج إليه كما هو في قرية صغيرة من قرى طرابلس يقال لها صرمان فإن أكثر ما فيها اليهود وإنما زيهم زي قبائل ذلك القطر والصواب لابد من تمييزهم مطلقا إذ لابد من مخالطتهم المسلمين لأنهم بين أظهرههم.

قلت وزي اليهود عندنا من كان أصله وأصل سلفه من البلد نفسه فالشكلة الصفراء فوق الأحرام كما ذكر في إفريقية وزي النساء منهم الالتحاف في الكساء الفيلالي دون نقاب من كتان ولا غيره وإنما يسترن وجوههن بطرف من الكساء نفسه بأيديهن.

ومن كان أصله أو أصل سلفه من أرض النصارى فكبوس من ملف له ذوابة من وراء القفا وزنار من ملف أيضا في الغالب.

وأما ركوب اليهود على الآكاف عرضا حسبما رسم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضه فمخصوص بركوب الحمير والإبل ويمتنع ركوبهم الخيل والبغال بآكاف وغيره قاله في الجواهر.

قلت وما يفعلونه في الأسفار من ركوب الخيل بالسروج الثمينة وفاخر اللباس والتحلي بحلية المسلمين في لباس التماق والمهاميز والتعمم بعمائم العرب فحظور شنيع ومنكر فظيع يتقدم في إزالته بما أمكن وربما يجعلون لذلك محللا زعمهم أنهم يخافون على أنفسهم وأموالهم إن ظهر عليهم زيهم الذين يعرفون به وهم في ذلك كاذبون بما شاهدنا من حصول الأمن القوي لهم عند العرب والحظوة الكبيرة أعاذنا الله من ضعف اليقين وسهولة الدين لما يرجون منهم من حصول النفع أكثر مما يحصل من المسلمين فيرضى العربي أن يسلب ماله ويستأصل ولده وأهله في نجاة اليهودي الذي يحمل معه في سفره فلم يبق إلا أنهم لما وجدوا السعة عند من لا ينكر عليهم من حفاة العرب وطغاتهم تزيوا بأفخر زي المسلمين تلذذا به وتعنتا على ما مضى من وقت إذلالهم في الحواضر أخمد الله ظهورهم وأعز كلمة الإسلام بذلهم وصغارهم.

<<  <   >  >>