للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يجز في أمرهم إلا الإسلام أو السيف وهذا الإجماع حكاه ابن الجهم، وقال القزويني إنما لم تؤخذ الجزية من كفار قريش لأن جميعهم أسلم يوم الفتح فلا يكون قرشي كافرا إلا مرتد والمرتد لا تؤخذ منه الجزية لأنه ليس على دين يقر عليه ولا يسترق.

وأما الذين تؤخذ منهم الجزية على اختلاف فمشركوا العرب ومن دان بغير الإسلام من العرب وليس من أهل الكتاب ولا المجوس. أما مشركوا العرب فذهب مالك إلى أن الجزية تؤخذ منهم وقال الشافعي وأبو حنيفة لاتؤخذ منهم الجزية وإلى هذا ذهب ابن حبيب وهو قول ابن وهب من أصحابنا.

وقال ابن حبيب إكراما لهم فعلى قوله تؤخذ الجزية من غير المجوس إذا لم يكن من العرب ودان بغير الإسلام وقيل إن ذلك ليس من جهة الإكرام لهم وإنما ذلك من جهة التغليظ عليهم من الحق إذ ليسوا بأهل كتاب. وهذا يأتي على مذهب الشافعي لأن المجوس عنده أهل الكتاب ولا تؤخذ الجزية عنده إلا من أهل الكتاب فعلى قوله لا تؤخذ الجزية من غير المجوس وأهل الكتاب وإن لم يكونوا من العرب.

وأما الذين يختلف فيما يؤخذ منهم في الجزية فنصارى العرب ذهب مالك إلى أن الجزية تؤخذ منهم وحجته قول الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وروي عن عمر بن الخطاب رضه أنه كان يأخذ منهم في جزيتهم الصدقة مضاعفة إكراما لهم، وقيل بل كان يأخذ منهم باسم الجزية.

فالذي يتحصل في الجزية ثلاثة أقوال: أحدها أن لجزية تؤخذ ممن دان بغير الإسلام بدين يقر عليه من جميع الأمم حاشا كفار قريش والثاني تؤخذ ممن دان بغير الإسلام يدين يقر عليه حاشا كفار قريش ومشركي العرب، والثالث أنها لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب والمجوس وهذا قول الشافعي والقولان الأولان في المذهب.

قلت وقد ذكر الشيخ أبو عمرو بن الحاجب الإجماع على أخذ الجزية من أهل الكتاب خاصة وفي من سواهم أربعة أقوال غير أن شارح مختصره الشيخ بن عبد السلام تأول بعض تلك الأقوال.

فقال ذكر المؤلف في الكفار من غير أهل الكتاب أربعة أقوال المشهور أخذها من كل كافر عموما ويعني به من عدا المرتد وهذا هو المنصوص في "المدونة" ومقابله أنها لا تؤخذ

<<  <   >  >>