الإسلام لأجل ذلك التعيين إطلاق النقض عليهم إذ ذاك مجاز (وإنما صحح هذا التجوز في إطلاق النقض عليهم إذ ذاك مجازا) وإنما صحح هذا التجوز في إطلاق النقض عليهم خروجهم لبلاد الحرب ونحوها فصار في صورة النقض لأنه نقض لأنه لم يصدر ذلك منهم في حالة ظلمهم لكراهتهم ما أعطوا أولا من العهد ولا عدم رضى بدوامه بل المسلمون هم الذين لم يوفوا لهم بما عاهدوهم عليه فكانوا أولى بنقض العهد منهم.
أضل ضرب الجزية وحكمة مشروعيتها
تنبيه: هذه الجزية أصل ضربها وحكمة مشروعيتها إذلال الكفر وإعزاز الإيمان إذ لو شاء ربنا لجعل الناس أمة واحدة لكنه خلقهم فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، وإنما أعد الجنة لمن آمن به وصدق بما بعث به خاتم أنبيائه ورسله وأعد النار لمن كفر به وكذب بما جاء به رسوله وخيرة خلقه ببقاء الكفر ما دامت الدنيا تحت الإذلال به والهوان به يظهر إعزاز كلمة الإيمان.
فأول ما بعث الله نبيه صلعم بالدعاء إلى الإسلام من غير قتال أمره به ولا قتل ولا أذن له في شيء من ذلك ولا أصل له ضرب جزية ولا أخذها فأقام عليه السلام على ذلك عشر سنين وهي التي أقام بمكة أو ثلاث عشرة سنة وحينئذ أنزل عليه {فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وقوله: {لا إكراه في الدين} وقوله: {فاعف عنهم واصفح} وما أشبه ذلك من الآيات. فلما هاجر إلى المدينة أذن الله تع له والمؤمنين بقتال من قاتله وأمرهم بالكف عمن لم يقاتلهم، فقال تع {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} وقال تعالى: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين} وقال تع: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا}.
فأقام على ذلك صلعم والمسلمون حتى نزلت براءة لثمان سنين من الهجرة فأمره بقتال جميع من لم يسلم من العرب من قاتله أو من كف عن قتاله إلا من عاهد فقال:{واقتلوهم حيث وجدتموهم إلى قوله فإن تابوا وأقاموا الصلاة} الآية فلم يستثن على العرب إلا