للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان لأهل الذِّمة من الأمان (١) والجاه والعزِّ عندهم ما لا يصل (٢) إليه أحدٌ من أهل السُّنَّة، ولا يطمع فيه. فكم أُغمدت سيوفهم في أعناق العلماء، وكم مات في سجونهم من ورثة الأنبياء، وكم ماتت بهم سُنة، وقامت بهم (٣) بدعة وضلالة (٤)!

حتى استنقذ الله الأُمة والملَّة من أيديهم في أيام نور الدِّين وابن أخيه صلاح الدِّين (٥)، فأبلَّ (٦) الإسلام من علته بعدما وطَّن المسلمون أنفسهم على العزاء، وانتعش بعد طول الخمول حتى استبشر أهل الأرض والسماء، وأبدر هلاله بعد أن دخل في المُحاق (٧)، وثابَتْ إليه رُوحه بعدما بلغت التراقيَ وقيل: من راق! واستنقذ الله سبحانه بعبده وجنوده بيت المقدس من أيدي عبدة الصليب، وأخذ كلٌّ من أنصار الله ورسوله من نصرة دينه بنصيب، وعلت كلمة الإسلام والسُّنَّة، وأُذِّن بها على رؤوس الأشهاد، ونادى المنادي: يا أنصار الله لا تنكلوا (٨) عن الجهاد، فإنه أبلغ الزَّاد ليوم المعاد.


(١) «ح»: «الإيمان». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «يحصل».
(٣) «ح»: «به».
(٤) وينظر «إغاثة اللهفان» (٢/ ١٠٣١).
(٥) كذا في «ح»، «م»، والمراد نور الدِّين محمود زنكي وصلاح الدِّين الأيوبي، ومعلوم أن نور الدِّين ليس عمًّا لصلاح الدِّين، وإنما عمُّه أسد الدِّين شيركوه أحد قادة نور الدِّين. وينظر «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية» لابن شداد (ص ٣١). فلعل الصواب: «نور الدِّين وأسد الدِّين وابن أخيه صلاح الدِّين».
(٦) بلَّ من مرضه وأبلَّ واستبلَّ، أي: برأ. «الصحاح» (٤/ ١٦٤٠).
(٧) المحاق من الشهر: ثلاث ليال من آخره. «الصحاح» (٤/ ١٥٥٣).
(٨) نَكَل عن العدو ينكُل بالضم: أي جبن. «الصحاح» (٥/ ١٨٣٥).