للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أم تَرْضَوْن بعقول المتأخرين الذين هذَّبوا العقليات، ومحضوا (١) زُبدَتها، واختاروا لنفوسهم، ولم يَرضَوْا بعقول سائر مَن تَقدَّمهم؟!

فهذا أفضلهم عندكم محمد بن عمر الرَّازي، فبأي معقولاته تَزِنُون نصوص الوحي؟ وأنتم ترون اضطرابه فيها في كتبه أشد الاضطراب، فلا يَثبُت على قولٍ (٢)، فعيِّنوا لنا عقلًا واحدًا من معقولاته ثبت عليه، ثم اجعلوه ميزانًا.

أم ترضون بعقل نَصِير الشِّرك والكفر والإلحاد الطوسي (٣)؟! فإن له عقلًا آخر خالَفَ فيه [ق ٤٣ أ] سلفه من الملحدين، ولم يُوافق فيه أتباع الرُّسل.


(١) «م»: «مخضوا». بالخاء.
(٢) قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (١٦/ ٢١٣ - ٢١٤): «ينصر الإسلام وأهله في مواضع كثيرة، كما يشكك أهلَه ويشكك غيرَ أهله في أكثر المواضع، وقد ينصر غيرَ أهله في بعض المواضع، فإن الغالب عليه التشكيك والحَيْرة أكثر من الجزم والبيان».
(٣) نصير الدِّين الطوسي قال عنه المصنِّف في «إغاثة اللهفان» (٢/ ١٠٣٢): «نَصَرَ في كتبه قِدَمَ العالم، وبطلان المعاد، وإنكار صفات الرَّبِّ جلَّ جلاله، من علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وليس فوق العرش إلهٌ يُعبد البتةَ، واتخذ للملاحدة مدارس، ورام جَعْلَ إشارات إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن، فلم يقدر على ذلك، فقال: هي قرآن الخواص، وذلك قرآن العوام. ورام تغيير الصَّلاة وجعلها صلاتين، فلم يَتِمَّ له الأمر، وتَعلَّمَ السِّحر في آخر الأمر؛ فكان ساحرًا يعبد الأصنام ... وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر».