للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقاتل معي من عليه دين.

رجع الحديث إلى الأول:

فلما أصبحوا، قال الحسينُ: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت فيما نزل بي ثقةٌ، وأنت وليُّ كل نعمة، وصاحبُ كل حسنة. وقال لعمر وجنده: لا تعجلوا، والله ما أتيتُكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السُّنة قد أُميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عُطلت؛ فاقدمْ لعل الله يصلح بك الأمة. فأتيتُ؛ فإذْ كرهتُم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلى أنفسكم؛ هل يصلحُ لكم قتلي، أو يحلُّ دمي؟ ألستُ ابن بنت نبيكم ابن ابن عمه؟ أو ليس حمزة والعباسُ وجعفر عمومتي؟ ألم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيَّ وفي أخي: "هذان سيدا شباب أهل الجنة"؟ فقال شِمْر: هو يعبدُ الله على حرف إن كان يدري ما يقول، فقال عُمر: لو كان أمرُك إليَّ، لأجبتُ. وقال الحسينُ: يا عمر! ليكوننْ لما ترى يومُ يسوؤك. اللهم إنَّ أهل العراق غرُّوني، وخدعوني، وصنعوا بأخي ما صنعوا. اللهم شَتّتْ عليهم أمرهم، وأحصهم عدداً.

فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد، فبرز له عبدُ الله بنُ تميم الكلبي، فقتله، والحسينُ جالسٌ عليه جَبَّةُ خَزٍّ دكناء، والنبل يقع حوله، فوقعت نبلةُ في ولدٍ له ابن ثلاث سنين، فلبس لأمتهُ، وقاتل حوله أصحابه حتى قُتلوا جميعاً، وحمل ولده عليُّ الأكبر يرتجز:

أنا عليُّ بن الحسين بن عليِّ ... نحنُ وبيت الله أولى بالنبي

فجاءته طعنة، وعطش حسينُ فجاء رجلٌ بماء، فتناوله، فرماه حصين بن تميم بسهم، فوقع في فيه، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله. وتوجه نحو المسناة يريد الفرات، فحالوا بينه وبين الماء، ورماه رجل بسهمٍ، فثبته في حنكه، وبقي عامة يومه لا يقدم عليه أحد، حتى أحاطت به الرجالةُ، وهو رابط الجأش، يُقاتل قتال الفارس الشجاع، إن كان ليشُدُّ عليهم فيتكشفون عنه انكشاف المعزى شد فيها الأسد، حتى صاح بهم شِمر: ثكلتكم أمهاتكم! ماذا تنتظرون به؟ فانتهى إليه زرعةُ التميمي، فضرب كتفه، وضربه

<<  <  ج: ص:  >  >>