وعن سعيد بن عمرو؛ أن الحسن قال للحُسين: وددتُ أن لي بعض شدة قلبك، فيقول الحسين: وأنا وددتُ أن لي بعض ما بُسط من لسانك.
عن أبي المهزم، قال: كنا في جنازة، فأقبل أبو هريرة ينفُضُ بثوبه التراب عن قدم الحسين.
بلغنا أن الحسين لم يعجبه ما عمل أخوه الحسنُ من تسليم الخلافة إلى معاوية، بل كان رأيه القتال، ولكنه كظم، وأطاع أخاه، وبايع. وكان يقبَلُ جوائز معاوية، ومعاوية يرى له، ويحترمه، ويُجله، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد، تألم الحسين، وحق له، وامتنع هو ابن أبي بكر وابن الزبير من المبايعة، حتى قهرهم معاوية، وأخذ بيعتهم مكرهين، وغُلبوا، وعجزوا عن سلطان الوقت. فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيدُ، وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين، وأنفوا من ذلك، ورام كل واحد منهما الأمر لنفسه، وسارا في الليل من المدينة.
قالوا: ولما حُضر معاوية، دعا يزيد، فأوصاه، وقال: انظر حُسيناً، فإنه أحبُّ الناس إلى الناس، فصِلْ رحمه، وارفق به، فإن يك منه شيء، فسيكفيك الله بمن قتل أباه، وخذل أخاه.
ومات معاوية في نصف رجب، وبايع الناس يزيد، فكتب إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: أن ادعُ الناس وبايعهم، وابدأ بالوجوه، وارفقب الحسين، فبعث إلى الحسين وابن الزبير في الليل، ودعاهما إلى بيعة يزيد، فقالا: نُصبح وننظر فيما يعمل الناس. ووثبا، فخرجا. وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه حسين، وأخذ بعمامته، فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بهذا إلا أسداً. فقال له مروان أو غيره: اقتله. قال: إن ذاك لدم مصون.
وخر جالحسين وابن الزبير لوقتهما إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم