للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ويدل على ذلك قصة امتحان مروان له فيما رواه الحاكم عن أبى الزُّعَيْزِعَة (١) كاتب مروان بن الحكم، أن مروان بن الحكم دعا أبا هريرة فأقعدنى خلف السرير، وجعل يسأله وجعلت أكتب حتى إذا كان عند رأس الحول، دعا به فأقعده وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا آخر" (٢) وقد نقل هذه القصة الذهبى فى سير أعلام النبلاء، ثم عقب بقوله: "قلت هكذا فليكن الحفظ" (٣) .

... وهذه القصة نقلها أيضاً ابن حجر فى الإصابة (٤) ، وابن كثير فى البداية (٥) ، وهى تدل على قوة حفظه وإتقانه، كما شهد له بذلك الصحابة، والتابعون فمن بعدهم من أئمة المسلمين إلى يومنا هذا على ما سيأتى بعد قليل.

... وكان رضي الله عنه يراجع ما يسمعه من النبى صلى الله عليه وسلم تأكيداً لحفظه، فقد روى عنه أنه قال: "جزأت الليل ثلاثة أجزاء: ثلثاً أصلى، وثلثاً أنام، وثلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (٦) .

رابعاً: أدرك أبو هريرة كبار الصحابة، وروى عنهم كثيراً من الأحاديث فتكامل علمه بها واتسع أُفُقُهُ فيها.


(١) ابن الزعيزعة: ذكره الدولابى فى الكنى فقال: "أبو زعيرة كاتب مروان" ص ١٨٣، ثم ذكره باسم أبى الزعيزعة، وذكر له خبراً عن مروان. ينظر الكنى ص ١٨٤، روى عن مكحول، وعمرو بن عبيد الأنصارى، والنضر بن محرز. قال أبو حاتم: مجهول، وقال الذهبى: أبو الزعيزعة عن مكحول لا يكاد يعرف. عداده فى الشاميين. ينظر: الجرح والتعديل ٩/٣٧٥ رقم ١٧٣٤، وميزان الاعتدال ٤/٥٢٥ رقم ١٠٢٠٠، ولسان الميزان ٧/٦٥٥ رقم ٩٩٨٥.
(٢) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر أبى هريرة ٣/٥٨٣ رقم ٦١٦٤، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢/٥٩٨.
(٤) الإصابة ٤/٢٠٥.
(٥) البداية والنهاية ٨/١٠٦.
(٦) المصدر السابق ٨/١١٣.

<<  <   >  >>