للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمان بالله واليوم الآخر فكيف بإكرامِ العبدِ نفسَه!

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: ٧ - ٨]، فقال: زيَّنها لهم لِيمتحنَهم ويبتليهم (١)، فيميزُ بين من يريده ويُؤثِره ويُؤثِر مرضاتَه، أو يُؤثرُ عليه تلك الزينة الفانية، وليثيبهم على صبرٍ عنها، وليدُلَّهم بها على ما ادَّخر لهم عنده إذا قدِموا عليه، ثم زهَّدهم فيها بأن عرَّفهم آخِرَ أمرها وعاقبتَها، لئلا يبيعوا حظَّهم منه بها، ثم جعلها حظَّ من لا حظَّ له عنده، فمتَّعهم بها قليلًا، ثم حال بينهم وبينها أشدَّ ما كانوا شهوةً إليها.

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥]، فقال: انظروا إلى كرمِهِ! أعطى عبيدَه مالَه، ثم استقرضَه منهم لهم، ثم ردَّه عليهم مضاعفًا أضعافًا كثيرةً، وزادهم عليه أجرًا كريمًا! (٢).

وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]، فقال: عمَّهم بالدعوة حجَّةً منه عليهم وعدلًا،


(١) في الطبعة الجديدة: "ليُمتِّعنَّهم ويُبليهم" خلاف ما في النسخة والسياق. واللام على الفعل لام كَيْ [وليس لام التأكيد التي تقتضي نون التأكيد] تعليلًا للزينة كما في الآية {لِنَبْلُوَهُمْ}.
(٢) انظر كلام المؤلف على هذه الآية في "طريق الهجرتين" (٢/ ٧٩٠ وما بعدها).