إلَّا بعد تطهر نفسه. فليبدأ العامل بنفسه فيصرفها عن هواها. ويأمرها بما يأمر به سواها. ولا يكن ممن يدعو إلى طريق البر وهو قَدْ حَادَ عنه وخرج. وانتصب لمعالجة غيره وهو إلى من يعالجه أحوج. إذ بصلاح الولاة تصلح الرعية. وتستقيم أحوالها في السر والعلانية، ومن صلاحهم أن يكونوا مع من هو إلى نظرهم إخوانا. وعلى ما يقوى على الطباعة أعواناً. فالمسلم أخو المسلم وإن كان والياً عليه. وأولى النَّاس باستعمال الرفق من ظهر فضل الله لديه. وأن لا يداهنوا أهل المعاصى. بل يتقصوا أحوال الدانى منهم والقاصى. ففي الحديث الكريم:"يحشر يوم القيامة أناس من أمتى من قبورهم إلى الله تعالى على صورة القردة والخنازير بما داهنوا أهل المعاصى وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون".
ويستعين على ذلك بتقريب أهل الفضل والدين، ويجتنب أهل الضلالة والمعتدين، فإن الطباع تسرق الطباع. والمرء لمن غلب عليه تباع. قال في الحكم: لا تصحب من لا ينهضك حاله. ولا يدلك على الله مقاله، وفى الحديث: ما من أمير إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا. ومن وقى بطانة السوء فقد وقى وإذا زكى الإنسان نفسه واتقى ربه أصلح الله رعيته. وبلغه من كل خير أمنيته. فإن رأس المال تقوى الله وسبيل النجاة اتباع سنة رسول الله قال الله سبحانه وتعالى: {... وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ... (١٣١)} [النساء: ١٣١]، وقال: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... (٣)} [الطلاق: ٢، ٣]، وقال: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (٤)} [الطلاق: ٤].
وقال سيدنا على كرم الله وجهه: قال النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم -: "من اتقى الله عاش قوياً وسار في بلاد الله آمناً. وحقيقة التقوى أتباع الأوامر واجتناب النواهى، وأن لا يقدم على أمر حتَّى يعلم حكم الله فيه. وفى الصَّحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع