حلول عقاب الله ونقمته، لولا حلمه وعفوه وسابق رحمته. قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ... (٦١)} [النحل: ٦١].
نطلب من الله أن يلهمنا والمسلمين لما يوجب رضوانه، ويرشدنا لما يجلب أمانه وكفرانه، فإن هذه الدار قنطرة إلى الآخرة، وسبيل لمن وفقه الله إلى الوصول للمنازل الفاخرة، والسعيد كل السعيد من استعمله الله في أعمال صالحة، وألهمه إلى أتباع سنة رسوله التي هي المتاجرة الرابحة، فخاف مقام ربه ونهى النَّفس عن الهوى، وتزود من تقوى الله وخير الزاد التقوى، وقدم ما ينفعه من هذه الدار للأخرى، وذكر فنفعته الذكرى.
فينبغى تكرير الوعظ والتذكير، والتنبيه والتحذير، لئلا تقسى القلوب، بتوالى الذنوب. {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٤]، وفى الحديث عن بعض الصّحابة رضوان الله عليهم: كان النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة أحياناً مخافة السآمة علينا.
ويجب الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار، وتجديد نيَّة الإخلاص ونفى الإصرار، فالعمل بالسنة هو السبيل الموصل إلى رضوان الله فالزموها، واجتنبوا البدع والمنهيات واحذروها، ففي الحديث:"عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة".
فيتأكد على كل من ولاه الله تعالى أمراً أن ينظر لرعيته. ويعمل على إخلاص عمله وتصحيح نيته، ويرشدهم إلى ما ينفعهم دنيا وأخرى، ويحملهم على ما يقربهم إلى الله زلفى، قال الله سبحانه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)} [الذاريات: ٥٥]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)} [الأعراف: ٢٠١]، وذلك بعد أن يعمل العامل بطاعة ربه، ويجعل سعيه فيما يوجب الفوز بقربه. فإنَّه لا ينفع الوعظ في أبناء جنسه.