بو كرين المطيرى وغيرهم من أركان البغى والعتو، وبعد أخذ ورد تحلموا له بتشتيت تلك الجموع وتفريق كلمتها بكيفية لطيفة معينة على نقض ما أبرموه وتحالفوا عليه، وجعلوا معه على ذلك جعلا يؤديه لهم نقدا معجلا يفرقونه على رءوس تلك القبائل وذوى الرأى منهم، فالتزم لهم بذلك، وأخذ منهم عمامة وأخذوا منهم برنوسا على العادة البربرية في التحالف على عدم التخالف.
وطير الإعلام للسلطان بالنتيجة فأجابه بواسطة وزيره المذكور بالمساعدة التامة على إمضاء ما أبرمه.
وكانت مدة مقامه بين ظهرانيهم يومين يلياليهما فما راعه إلا ورقاص متأبط لكتاب لعق وبوزمة المذكورين من بعض رؤساء المحلة من خاصة حاشية السلطان يأمرهما برفض مطالب الترجم رفضا كليا، وأن يعيراه أذنا صماء ويردانه خاسئا، وحذرهما من صدور هذه المزية على يده، فقلبوا عليه ظهر المجن، وأظهروا له من النفور والجفاء ما صيره في حيص بيص، يتوقع الإيقاع به واحتجوا عليه، ثم بعد محاججة ومراجعة، منهم من رجع إلى الانقياد ومنهم من تمادى على النفور والشرود، ومنهم من أظهر الطاعة وأصر على المخالفة والشقاق كالمكتوب لهما بالتحذير من إسعاف رغبة المترجم.
وكان آخر اتفاق وقع بينهم وبين صاحب الترجمة أنهم وقت ما أمكنهم تفريق كلمة تلك الجموع يطيرون الإعلام إليه ليأتيهم بالدراهم المتفق عليها، وبظهير سلطانى بالعفو عما جنوه والقبض على صاحب الكتاب الساعى في دوام توقد نيران الفتن وتوليته خليفة عليهم واسطة بينهم وبين السلطان.
وبعد تحمله لهم بما ذكر رجع لفاس وتلاقى مع الجلالة السلطانية وقرر له جميع ما راج من المبدأ إلى المنتهى، فأجابه بجميع ما اشترطوا إلا القبض على صاحب الكتاب، وأمر الوزير الصدر بكتب الظهير بما ذكر وتنضيد ثمانية آلاف