ومن الغد اقتفت المحال أثره بعين مديونة فمزقت جموعه الباغية كل ممزق، وبعد ثلاثة أيام أعادت المحلة السلطانية السوقة لهوارة الحجر فأوقعت بهم وأزاقتهم أليم النكال والنكاد.
ثم بعد هذا حشد وزير الحربية المهدي المنبهى جنودًا جرارة تنتظم من القبائل المغربية من أقصى بلاد السوس وتافيلات إلى حضرة فاس وترأسها هو ورئيس المشور القائد إدريس بن يعيش، وتوجها بها لمدينة تازا التي اتخذها الفتان محل كرسي إمارتة، وخطب به على منابرها باسم مولاي محمَّد الحسن، ولما خيمت تلك الجنود المجندة التي تربو على السبعين ألف مقاتل بوادي الحضر هجمت عليها التسول والبرانيس شيعة الفتان ليلاً فردتهم المحال الخزنية ناكصين على الأعقاب، ولما أصبح الصباح اقتفت آثارهم وأخذت منهم المساجين وطردتهم طرد الرعاء للذئاب.
ودخل الجنود المخزنية مدينة تازا عنوة وفعلت بالمستضعفين من أهل البلد الأفعال التي تخجل منها المروءة ولا ترضاها الإنسانية، فقد افتضت الأبكار. وهدمت الديار، وذلك في شهر صفر الخير سنة ١٣٢١.
وكان دخول المنبهي المذكور بجنودة تازا بمساعدة الشيخ أبي هاشم المدني الوركيني السملالي الحسني المعتمد عند أولئك القبائل النافذ الكلمة فيها ولكنه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة للخروج بعد الدخول، وفاته أن يسلك، مع المستضعفين من أهل تازا مسلك اللين والمجاملة فكان ما سيمر بك بعضه.
ثم بعد دخول تازا رجع المنبهي الذي كان يرأس هذه المحال مع ابن يعيش لفاس والفتان إذ ذاك بوجدة كان قد احتلها بدون قتال في ربيع النبوي عام واحد وعشرين وثلاثمائة وألف حيث إن عاملها كان ملتجئا بمغنية.
وذلك أنه لما ظهر أمر أبي حصيرة عبد القادر العتيكي اليزناسني الذي ثار بالمقام -محل بالظهراء- وزعم أنه الولي عبد العزيز السلطان هرب من لوندرة