وبعد: فقد وصلنا كتابك مراجعا فيما أمرناك به من إسقاط الواجب هذه السنة عن فرقتى بنى منقوش وبنى خالد جبرا لحالهم، وإعانة على ما ضاع لهم، فذكرت أنك طالعت كبراء القبيلة كالخديم الأنصح الحاج ميمون وأشباهه، فنشطوا لذلك وفرحوا برد البال لهم، وكون الخاطر معهم، ثم ذكروا أن الذى تقتضيه المصلحة هو عدم الإسقاط عنهم وأحرى حيث ألفاك الحال قبضت منهم لا يناسب الرد لهم، لأن القبيلة تتشوف لمثل ذلك لكون الجهاد وقع من الكل إلى آخر ما ذكرت.
أو أنك بعد ما أردت الشروع فيما أمرناك به من الكلام مع الرومى على الحقوق التي قبلهم ومحاججته ردك عن ذلك أعيان القبيلة مخبرين أن المصلحة في عدم المراجعة الآن للعلة التي ذكروا، وأن مثل ما صدر هو كثير الوقوع من الجانبين من قديم، ثم يقع الصلح في ذلك ووجهوا كتابهم بهذا، وأن ترحيل الشيخ سليمان العطياوى من المحل الذى هو به لا يناسب لما في بقائه هناك من المصلحة، فاعلم أرشدك الله أن الذى يبلغنا ويظهر لنا نكتب لكم والعامل الناصح العاقل السديد الرأى يتأمل القضايا على مقتضى مصلحة الرعايا، ثم ما يرى المصلحة في تنفيذه ينفذه، وما يرى المصلحة في عدم تنفيذه يراجع فيه، ونحن لا نكره. المراجعة.
والآن حيث اقتضى النظر عدم الإسقاط عن الفرقتين المذكورتين، وعدم الرد لهم فاترك ما قبضت منهم تحت يدك وأضفه إلى غيره، ولا ترد لهم شيئا، فإنا ما أمرنا بذلك إلا جبرًا لحالهم، وأما الجهاد فهو فريضة وفضيلة يتعين على كل أحد حيث يفجأ العدو، ثم حيث أشار أعيان خدامنا بنى يزناسن وفرهم الله بعدم الكلام الآن مع الرومى وأن الرأى تأخير ذلك، واستصوبت أنت إشارتهم فاترك الكلام معه، ولا تخاطبه فإن الحاضر بصيرة ويرى الشاهد ما لا يرى الغائب.