فساروا إلى دار قاسم بن الأشهب ليقبضوا عليه ويأتوا به لتجرى عليه أحكام الشرع فلم يجدوه خارج الدار، فوثبوا عليه في الدار واقتحموها عليه، فملا دخلوا الدار عليه، وأرادوا البحث فيها، فإذا بطائفة أخرى الذين من تعصبوا عليه قد أقبلت ورموا من بالدار بالحجر، فخرج جميع من كان بالدار، وربما نهب بعضهم من حوائج الدار شيئا، ثم اشتد القتال خارج الدار في الشارع بالحجارة حتى افترقوا، واختفى قاسم بن الأشهب أياما إلى أن هدن الهرج وخرج، قاله ابن الحاج.
ثم كلف صاحب الترجمة كاتبه الأسمى أبا الحسن عليا اليحمدى بجواب والى طرابلس، فكتب في ذلك رسالة من بديع صنعه، قال في الدر المنتخب: إنها اشتملت على أسلوب من البلاغة في المنثور تسحر الألباب، يعجز عن إدراك ذلك أهل العصر ولولا الإطالة لأوردتها الخ.
وفى عام تسعة وستين وقعت زلزلة أعظم من التي كانت في العام قبله، اهتزت بها الأرض وربت وبقيت تضطرب برهة من الزمان، وسمع لها دوى هائل وتغيرت العيون، ووقف الماء في الأودية عن الجرى، وسقطت الدور وتصدعت الجرات العظيمة، وفر الناس من البيوت والأبنية، واتخذوا الأخبية بالضواحى.
ثم وقعت زلزلة أخرى بعد هذه بنحو ستة وعشرين يوما فظع من هذه بعد صلاة العشاء، انهدت فيها غالب دور مكناسة الزيتون، وكثير من مساجدها ومنار جامعها الأعظم إلى الأساس، ومسجد القصبة السلطانية، ومات تحت الردم خلق أحصى منه عشرة آلاف، وعلم من لم يشمله الإحصاء عند الله.
قال الضعيف نقلا عن تاريخ الحاج المسناوى الرباطى: وفى يوم السبت السادس والعشرين من محرم فاتح العام موافق واحد وعشرين من أكتوبر سنة ألف