أخلاط أوباش العساكر الذين كانوا يأتون فيه كل الفواحش بكل معنى الكلمة، وآونة يكون سجنا للمتمردين، وطورًا يجعل خزينًا للشعير، إلى أن حازته الدولة الحامية وصيرته مدرسة لقراءة لغتها وغيرها, ولا ينافى كونه من الإنشاءات الإسماعيلية ما هو منقوش في زليج بأعلى بابه ولفظه: ما للخورنق والبديع كمال ... إلخ ما سيمر بك قريبا بحول الله لأنه إنما أسند في هذه الأبيات لمولاى عبد الله إنشاء حلة تلك الباب لا غير وتلك الحلة وذلك الكمال يحملان على إنشائه بها خاصة تنميقا وتزويقا، أما أصل ذلك فهو لوالده المولى إسماعيل لما قدمناه عن زهر البستان من أن المولى إسماعيل هو المنشئ لذلك المسجد بكماله، وقد وصفه بذلك قيد حياة منشئه كما ينبنى عنه ما ترجم المولى إسماعيل به في الكتاب المذكور.
وقد قدمنا أن هذا المسجد هو الذي يقوى في نظرنا أنه المسجد الذي أسسه لما ضاق به مسجد القصبة الذي لا زال يعرف بهذا العنوان إلى الآن، وكذا قدمنا أن دليل ذلك قول واصفى المسجد الذي أسسه بعد ضيق الأول وجعل له بابين بابا إلى المدينة ... إلخ، فإن الباب الذي للمدينة بدون حاجز لم يوجد إلا في هذا، ويزاد على ذلك أن ما وصف به "زهر البستان" جامع الأنوار مع قبته أظهر في وصف الأخضر الذي أطلقه على المؤسس بعد الضيق واصفوه من وصف مسجد القصبة به، وكذلك ما في بيت ذلك الشاعر السابق وهو قوله ففي القبة الخضرا، البيت، القبة الموصوفة في جامع الأنوار أحق به وأليق، ويتأكد ذلك يكون الزيانى ومن تبعه لم يفصحوا في البناءات الإسماعيلية بجامع الأنوار بهذا العنوان، مع أنه أحق بالذكر من كل مسجد بناه, لأن ما وصف به زهر البستان بناءه لم يوصف به شيء من المساجد التي شيدها، فدل ذلك على أنه هو مرادهم بقولهم أسس المسجد الأخضر إلى قولهم وجعل له لابين بابا المدينة ... إلخ.
ويحمل المسجد الذي وصفنا تهدمه داخل الباب الأول للضريح الإسماعيلى