ففي فجر يوم السابع والعشرين من شوال عام ثلاثة وأربعين ومائة وألف حشد تلك الجنود وأعد آلة الهدم وركب فرسه ووقف على تل مشرف عليها وأمر بالهدم من كل ناحية والناس نيام فمن أسرع وحمل رزقه وقشه نجا، ومن لا معين له بقى قشه تحت الردم وارتحل الوداية لفاس الجديد مع إخوانهم وتفرق غيرهم بالمدينة، فما مضت عليها عشرة أيام إلا وصارت كدية من تراب يعشش فيها اليوم، ولم يبق بها إلا الأسوار والجدرات قائمة كما قاله أبو القاسم الزيانى وغيره، والبقاء لله وحده، وله سبحانه وتعالى الأمر من قبل ومن بعد.
وقد صارت موقعها من مزارع العاصمة المكناسية ومراعى مواشيها, ولا زالت إلى الوقت الحاضر بعض الأطلال قائمة بها، وقد كانت تلك المزارع فيما سلف معدة لنزول الجيوش السلطانية عند ما يحل ركابها الشريف بالعاصمة المذكورة، وأحدث بها الآن محالا لسكنى اليهود لضيق حارتهم عنهم.
ومن تأسيساته حارة اليهود التي بها سكناهم الآن، أسسها عام ثلاثة وتسعين وألف كما بتأليف الضعيف وغيره، وأمر بإخراج أهل الذمة من المدينة وإسكانهم بالمحل المؤسس لأجلهم فسكنوه، وأخليت دورهم التي كانت وسط دور المسلمين بالمدينة، ثم سكنها أهل تافيلالت الذين بفاس بأمر من السلطان.
ومن تأسيسات مولانا إسماعيل قصبة بريمة التي لا زالت قائمة العين والاسم إلى الحين الحالي الواقعة غربا من قصبة قصور الملك السعيدة، وقد وقفت في بعض العقود الموثوق بها على بعض ما يتعلق بذلك ونص الغرض منها: كان الجناب العالى بالله مولانا أبو النصر تملك جميع أرض بريمة خارج الحضرة الهاشمية محروسة مكناسة، وأعطى مولانا المنصور ثمنها وأمر ببناء حوانيت خارج باب المشاوريين بالثمن المذكور، لكون الأرض المذكورة من أوقاف جامع الخضراء، وفضل من الثمن المذكور من بناء الحوانيت مائة مثقال، وكان المتولى لذلك عن أمر